(تحذير جبهة أصحاب الفضيلة العلماء)
أيها الشعب المسلم الكريم
جبهة علماء الأزهر تحييكم أكرم تحيّة وتناجي شعوركم النبيل في حديثنا عن نِحْلَة البهائية وفتنة البهائيين، الذين جعلوا يطلقون بُخُور ضلالتهم الآن في مصر ويستغلّون حسن ظنّ المسلمين ورحابة صدر بعض المجلّات المصرية استغلالاً سيّئاً في الدعاية لنحلتهم، متسترّين بكلمات معسولة لا تعبّر عن الحقيقة ولا تكشف عن الواقع وغاب عنهم أنّ حبل الكذب قصير وأنّ ثوب الرِّيَاء مهلهل وأنّ الشعب المسلم أكبر من أن يُخدع في دينه وأنّ الصحافة المصرية أكرم من أن تُتَّخَذَ مِطْيَةً لدعاة الفتنة وبوقًا لإذاعة الكفر والإلحاد ومِعْوَلاً لهدم الإسلام، ذلكم الدين الحنيف الذي هو دين الدولة الرسمي ودين الكثرة الغامرة من الشعب المصري ودين جلالة مولانا المليك الصالح المحبوب، فضلاً عن أنّه الدين السماوي الذي ختم الله به الأديان، والشريعة الكاملة الأخيرة التي انتهت إليها الشرائع لأنّ مُنَزِّلَهُ سبحانه وتعالى قد أودعه كلّ نهضة وجمع فيه بين مصالح البشر في الدنيا والآخرة وصاغ تعاليمه وهداياته على نمط ممتاز جعله صالحاً لكلّ عصر وملائماً لكلّ مِصْرٍ وموافقاً لكلّ جيل وقبيل وحسبنا في التدليل على ذلك أنّ هذا الدين جُرِّب وامتُحن مراراً وتكراراً فنجح أبهر نجاح في أُمم متربيّة ومتحضّرة شرقيّة وغربيّة، عربيّة وعجميّة في الماضي وفي الحاضر على السواء، وكان هذا النجاح وما زال معجزة التاريخ في سرعته وعمومه وجلال أثره وامتزاج الإنسانيّة وسموّها به، ولولا نُكُوصُ المسلمين في العصور المتأخرة عن هدايته ومناصرته ونشره، وتقليدهم الغرب في مفاسده لكانوا كما كان أسلافهم الأوّلون حكّام الدنيا وقادة العالم ومنقذي البشريّة عامّة.
وليس من موضوعنا هنا أن نبيّن محاسن الإسلام ومزاياه. فإنّها أظهر من أن تخفى وأكبر من أن تذكر، إنّما هي إشارة خاطفة نقرّر بها أنّ الإسلام هو الدين الختامي الجديد الذي لا يحتاج في يوم من الأيام إلى استدراك عليه ولا تجديد بل إنّ من أراد الهداية في غيره ضَلَّ ومن التمس النجاة عن طريق سواه هلك. "إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلَامُ (آل عمران:١٩) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِيْناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ" (آل عمران:٨٥). ويهمّنا في هذه الكلمة أن نفتح عيون إخواننا المسلمين والمنصفين على ضلالات مأخوذة من كتب البهائيين وما يتّصل بها، تُصوّر لنا مبلغ جهل هذه العصابة في أنفسهم ومقدار تغريرهم بالناس. وببعض المجلات في دعايتهم وتبيّن أنّ المعتنق لنحلتهم كافر مرتدّ عن دينه. وقد قال الله تعالى "وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيْهَا خَالِدُونَ" (البقرة:٢١٧). وقال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيَحُبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ" (المائدة:٥٤).
أيها الشعب المصري الكريم:
١- لقد زعم البهائيون أن رأس نحلتهم وهو الملّقب (بالباب واسمه ميرزا علي محمد) رسول أرسله الله منذ مائة سنة تقريباً، وزعموا أنّ الله نزّل عليه كتاباً اسمه "البيان" ثم أوغلوا في هذا الباطل فزعموا أنّه في رسالته أفضل من سيّدنا محمد عليه الصلاة والسلام وأنّ كتابه "البيان" أفضل من القرآن وهكذا جحدوا أنّه عليه الصلاة خاتم النّبيّين وأنّ الإسلام هو ختام الأديان، ثمّ خلعوا الرسالة والنبوّة على طاغوتهم من غير دليل ولا برهان.
٢- ولقد زعم البهائيون أيضاً أنّ شريعتم ناسخة للشريعة الإسلامية فجعلوا الصوم تسعة عشر يوماً فقط لا شهراً كاملاً، وجعلوه يبتدئ من شروق الشمس لا من طلوع الفجر- وجعلوه دائماً في وقت الاعتدال الربيعي حيث يكون عيد الفطر عندهم يوم النّيّروز باستمرار، بدلاً من شهر رمضان المعظّم أَيًّا كان موقعه في الفصل من فصول العام، ولقد جعلوا الصلاة تسع ركعات في اليوم والليلة وحوّلوا القبلة في صلاتهم من مكّة إلى عكّة بفلسطين حيث هلك البهاء ودفن هناك، ولقد أبطلوا فريضة الحجّ جملة وتواصوا بهدم البيت الحرام عند الاستطاعة والقدرة.
٣- ولقد تمادوا في غيّهم فاعتقدوا أنّ الإله قد حلّ في البهاء وأنّ الله قد تجلّى فيه أعظم من تجلّيه في أجسام الأنبياء.
٤- وإن تعجب فعجب أنّهم ينكرون معجزات الأنبياء بدعوى أنّها غير معقولة وكذلك ينكرون البعث والجنّة والنار. ثمّ يركبون رؤوسهم فيلحدون في آيات الله ويؤوّلون القرآن تأويلاً سخيفاً لا تجيزه قواعد لغته العربية ولا يرتضيه منطق العقلاء المنصفين بحال، وإن شئت أمثلة لذلك فها هم يفسّرون يوم القيامة بمجيء طاغيتهم حسين بن عليّ الذي لقّبوه بالبهاء وإليه تنتسب النحلة البهائية - ويفسرون الجنة بالحياة الروحية - ويفسّرون النار بالموت الروحاني ويفسّر "الباب" نفسه قول الله تعالى "إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ رَأَيْتُهُم لِي سَاجِدِينَ" (يوسف:٤) بأنّ المراد من يوسف هو الحسين بن عليّ وأنّ المراد بالشمس فاطمة بنت محمد وأنّ المراد بالقمر محمد وأنّ المراد بالكواكب الأحد عشر أئمّة الحقّ فهم يبكون على يوسف سُجَّداً.
٥- ويطعن البهائيون في القرآن الكريم أنّه يشتمل على قصص غير واقعة ومعنى هذا أنّها كاذبة غير أنّهم يحاولون ستر ذلك الطعن بقولهم أنّ تلك القصص رموز لمعان خفيّة.
٦- ولقد تزلّف البهائيون إلى اليهود ومالؤوهم على العرب والمسلمين وبشّروهم بأنّ فلسطين ستكون وطنًا قوميًّا لهم، وقال طاغيتهم عبدالبهاء واسمه عبّاس أنّه يريد أن يوحِّد بين المسلمين والنصارى واليهود ويجمعهم على أُصول نواميس موسى عليه السلام الذي يؤمنون به جميعاً ومعنى هذا أنّه يريد تهويد المسلمين والنصارى وأن يجعل اليهودية هي الدين السائد في الأرض وبذلك يكون السلطان في العالم كلّه لليهود وحدهم.
٧- والمتأمّل في نحلة البهائيين يجدها خليطاً مشوّشاً من ديانات وأفكار مختلفة ومتناقضة - ففيها من الإسلام والمسيحيّة واليهوديّة وفيها من البوذيّة والبرهمة والزردشتيّة، وفيها من اعتقادات الباطنيّة والفلاسفة وذلك ليدخلوا إلى كلّ شخص من بابه وليخدعوه بالمقدار الذي عندهم من دينه وعقيدته ورأيه.
٨- ولقد خدعت هذا الطائفة فريقاً من المسلمين بجملة أُمور منها تظاهرهم بأنّهم فرقة إسلامية، ومنها تمسّحهم بالقرآن الكريم والسّنّة النبويّة كذباً وزورًا مع تأويلهم لها التأويل الباطل. ومنها كتمانهم بعض معتقداتهم الكافرة الخاطئة – ومنها ظهورهم بأنّهم دعاة إلى ما تقتضيه المدنيّة ويكشف عنه العلم الحديث وهكذا يستدرجون المفتونين بكلّ جديد، مثل ادعائهم أنّ غرضهم إيجاد السلام على الأرض وتوحيد الأديان وإزالة الفوارق بين بني الإنسان
والمساواة بين الرجل والمرأة في التعليم والحقوق والواجبات واتفاق الأمم على لغة عالمية واحدة وتأسيس محكمة عمومية تحل مشاكل الأُمم ونشر السلام العام ونبذ التعصّبات الدينية ومنها تيسيرهم طرق الإباحة والتحلل والانفلات من الحواجز الأدبية حتّى يقع في حبائلهم أُولئك الذين في قلوبهم مرض من رجالنا ونسائنا وفتياننا وفتياتنا.
٩- أَلَا فلتحذر أمتنا الكريمة دسائس هذه الفئة الباغية ولنعمل جميعاً على انتشال تلك الضحايا المخدوعة بهم ولننصح الخادعين والمخدوعين في حكمة وحيطة وحزم فإنّ الدين النصيحة لخاصّة المسلمين وعامّتهم، ويجب أن نتقي الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن نهتف في أذن أُولئك الذين رضوا لأنفسهم أن يكونوا مطايا لهذه النحلة الضالة أن أبقوا على أنفسكم إن كان لكم في أنفسكم حاجة. واعلموا أنّ مصر لا تصلح مباءة لهذه الأباطيل ولا ميداناً لتلك الدسائس، ما دام فيها شعب مسلم يقظ يعتز بدينه وإسلامه، وفيها حكومة ساهرة تحافظ على حبل الأمن أن يضطرب "كما اضطرب في إيران وغيرها من البلاد التي دنستها هذه النحلة الضالة" وفيها الأزهر الشريف كعبة الإسلام ومعقل الدين، وعلى رأس الجميع ملك صالح مسلم يعتز بالإسلام ويعتز به الإسلام.
١٠- أمّا بعد. فهذه كلمتنا نرفعها إلى شعبنا المسلم الكريم بعد أنّ رفعنا الأمر في هذه الفئة الظالمة إلى المراجع العليا المختصّة وإنّنا نأذن في طبع هذا التحذير ونشره كلّ من يريد من أبناء الأُمّة العزيزة لكن بشرط المحافظة على نصوصه وتصحيحه وضبطه.
"وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ" (الحج:٤١).
وهذه الكلمة عاجلة نسارع بنشرها لتحذير المسلمين.
وسنعد إن شاء الله كتاباً مفصّلاً نبيّن فيه أباطيل هذه الفئة الباغية حتّى يتبيّن الحقّ من الباطل والسلام عليكم ورحمة الله.
الأمين العام لجبهة علماء الأزهر رئيس جبهة علماء الازهر
محمد عبدالعظيم الزرقاني محمد الشربيني
عضو جماعة كبار العلماء