من آثار حضرة بهاء الله الكتابية
الكلمات المكنونة العربية – حضرة بهاءالله – مجموعة ألواح مباركة، طبعة مصر، الصفحات ١٧ – ٣٦.
الكلمات المكنونة العربيّة
﴿ هُوَ البَهِيُّ الأَبْهى ﴾
هَذَا مَا نُزِّلَ مِنْ جَبَرُوتِ العِزَّةِ بِلِسانِ القُدْرَةِ وَالْقُوَّةِ عَلَى النَّبِيِّينَ مِنْ قَبْلُ. وَإِنَّا أَخَذْنَا جَوَاهِرَهُ وَأَقْمَصْنَاهُ قَمِيصَ الاخْتِصارِ فَضْلاً عَلَى الأَحْبَارِ لِيُوفُوا بِعَهْدِ اللهِ وَيُؤَدُّوا أَمانَاتِهِ فِي أَنْفُسِهِمْ وَلِيَكُونُنَّ بِجَوْهَرِ التُّقَى فِي أَرْضِ الرُّوحِ مِنَ الفائِزِينَ.
(١) ﴿ يَا ابْنَ الرُّوْحِ ﴾
فِي أَوَّلِ القَوْلِ امْلِكْ قَلْبًا جَيِّدًا حَسَنًا مُنيرًا لِتَمْلِكَ مُلْكًا دائِمًا باقِيًا أَزَلًا قَدِيمًا.
(٢) ﴿ يَا ابْنَ الرُّوحِ ﴾
أَحَبُّ الأَشْيَاءِ عِنْدِي الإنْصافُ. لَا تَرْغَبْ عَنْهُ إِنْ تَكُنْ إِلَيَّ راغِبًا وَلَا تَغْفَلْ مِنْهُ لِتَكُونَ لِي أَمِينًا وَأَنْتَ تُوَفَّقُ بِذلِكَ أَنْ تُشَاهِدَ الأَشْياءَ بِعَيْنِكَ لا بِعَيْنِ العِبادِ وَتَعْرِفَها بِمَعْرِفَتِكَ لا بِمَعْرِفَةِ أَحَدٍ فِي البِلادِ. فَكِّرْ فِي ذلِكَ كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ. ذلِكَ مِنْ عَطِيَّتِي عَلَيْكَ وَعِنايَتي لَكَ فَاجْعَلْهُ أَمامَ عَيْنَيْكَ.
(٣) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
كُنْتُ فِي قِدَمِ ذاتِي وَأَزَلِيَّةِ كَيْنُونَتِي؛ عَرَفْتُ حُبّي فِيكَ خَلَقْتُكَ، وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مِثالِي وَأَظْهَرْتُ لَكَ جَمَالي.
(٤) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
أَحْبَبْتُ خَلْقَكَ فَخَلَقْتُكَ، فَأَحْبِبْني كَيْ أَذْكُرَكَ، وَفِي رُوحِ الْحَياةِ أُثَبِّتُكَ.
(٥) ﴿ يَا ابْنَ الوُجُودِ ﴾
أَحْبِبْنِي لِأُحِبَّكَ. إِنْ لَمْ تُحِبَّنِي لَنْ أُحِبَّكَ أَبَدًا فَاعْرِفْ يا عَبْدُ.
(٦) ﴿ يَا ابْنَ الوُجودِ ﴾
رِضْوانُكَ حُبِّي وَجَنَّتُكَ وَصْلِي فَادْخُلْ فِيها وَلا تَصْبِرْ. هذَا ما قُدِّرَ لَكَ فِي مَلَكُوتِنا الأَعْلَى وَجَبَرُوتِنَا الأَسْنى.
(٧) ﴿ يَا ابْنَ البَشَرِ ﴾
إِنْ تُحِبَّ نَفْسي فَأَعْرِضْ عَنْ نَفْسِكَ، وَإِنْ تُرِدْ رِضائِي فَأَغْمِضْ عَنْ رِضائِكَ، لِتَكُونَ فِيَّ فانِيًا وَأَكُونَ فِيْكَ باقِيًا.
(٨) ﴿ يَا ابْنَ الرُّوحِ ﴾
ما قُدِّرَ لَكَ الرَّاحَةُ إِلاَّ بِإِعْراضِكَ عَنْ نَفْسِكَ وَإِقْبالِكَ بِنَفْسي، لأَنَّهُ يَنْبَغي أَنْ يَكُونَ افْتِخارُكَ بِاسْمِي لَا بِاسْمِكَ،
وَاتِّكالُكَ عَلى وَجْهِي لا عَلَى وَجْهِكَ لأَنِّي وَحْدِي أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مَحْبوباً فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ.
(٩) ﴿ يَا ابْنَ الوُجُودِ ﴾
حُبِّي حِصْني مَنْ دَخَلَ فِيهِ نَجا وَأَمِنَ وَمَنْ أَعْرَضَ غَوَى وَهَلَكَ.
(١٠) ﴿ يَا ابْنَ الْبَيَانِ ﴾
حِصْنِي أَنْتَ فَادْخُلْ فِيهِ لِتَكُونَ سالِمًا. حُبّي فِيْكَ فَاعْرِفْهُ مِنْكَ لِتَجِدَني قَريبًا.
(١١) ﴿ يَا ابْنَ الوُجُودِ ﴾
مِشْكاتِي أَنْتَ وَمِصْباحِي فِيْكَ؛ فَاسْتَنِرْ بِهِ وَلا تَفْحَصْ عَنْ غَيْري، لأَنِّي خَلَقْتُكَ غَنِيَّاً وَجَعَلْتُ النِّعْمَةَ عَلَيْكَ بالِغَةً.
(١٢) ﴿ يَا ابْنَ الوُجُودِ ﴾
صَنَعْتُكَ بِأَيادِي الْقُوَّةِ وَخَلَقْتُكَ بِأَنامِلِ الْقُدْرَةِ، وَأَوْدَعْتُ فِيْكَ جَوْهَرَ نُوري فَاسْتَغْنِ بِهِ عَنْ كُلِّ شَيءٍ،
لأَنَّ صُنْعي كامِلٌ وَحُكْمي نافِذٌ لا تَشُكَّ فِيهِ وَلَا تَكُنْ فِيهِ مُرِيبًا.
(١٣) ﴿ يَا ابْنَ الرُّوحِ ﴾
خَلَقْتُكَ غَنِيًّا كَيْفَ تَفْتَقِرُ، وَصَنَعْتُكَ عَزِيزًا بِمَ تَسْتَذِلُّ، وَمِنْ جَوْهَرِ العِلْمِ أَظْهَرْتُكَ لِمَ تَسْتَعْلِمُ عَنْ دُونِي، وَمِنْ طينِ الْحُبِّ عَجَنْتُكَ
كَيْفَ تَشْتَغِلُ بِغَيْري؛ فَأَرْجِعِ الْبَصَرَ إِلَيْكَ لِتَجِدَني فِيكَ قائِمًا قادِرًا مُقْتَدِرًا قَيُّومًا.
(١٤) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
أَنْتَ مُلْكِي وَمُلْكِي لا يَفْنى. كَيْفَ تَخافُ مِنْ فَنائِكَ، وَأَنْتَ نُوري وَنُوري لا يُطْفى. كَيْفَ تَضْطَرِبُ مِنْ إِطْفائِكَ، وَأَنْتَ بَهائِي
وَبَهائِي لا يُغْشى، وَأَنْتَ قَمِيصي وَقَميصِي لَا يَبْلَى. فَاسْتَرِح فِي حُبِّكَ إِيّايَ لِكَيْ تَجِدَنِي فِي الأُفُقِ الأَعْلى.
(١٥) ﴿ يَا ابْنَ البَيان ﴾
وَجِّهْ بِوَجْهِي وَأَعْرِضْ عَنْ غَيْرِي، لأَنَّ سُلْطانِي باقٍ لا يَزُولُ أَبَدًا وَمُلكِي دائِمٌ لا يَحُولُ أَبَدًا.
وَإِنْ تَطْلُبْ سِوائِي لَنْ تَجِدَ لَوْ تَفْحَصُ فِي الوُجُودِ سَرْمَدًا أَزَلاً.
(١٦) ﴿ يَا ابْنَ النُّورِ ﴾
انْسَ دُونِي وَآنِسْ بِرُوحِي، هذا مِنْ جَوْهَرِ أَمْري فَأَقْبِلْ إِلَيْهِ.
(١٧) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
اكْفِ بِنَفْسِي عَنْ دُونِي وَلَا تَطْلُبْ مُعِينًا سِوائِي، لأَنَّ ما دُونِي لَنْ يَكْفِيَكَ أَبَدًا.
(١٨) ﴿ يَا ابْنَ الرُّوحِ ﴾
لَا تَطْلُبْ مِنِّي مَا لَا نُحِبُّهُ لِنَفْسِكَ، ثُمَّ ارْضَ بِما قَضَيْنَا لِوَجْهِكَ، لِأَنَّ مَا يَنْفَعُكَ هَذَا إِنْ تَكُنْ بِهِ راضِيًا.
(١٩) ﴿ يَا ابْنَ المَنْظَرِ الأَعْلى ﴾
أَوْدَعْتُ فِيكَ رُوحًا مِنِّي لِتَكُونَ حَبِيبًا لِي؛ لِمَ تَرَكْتَنِي وَطَلَبْتَ مَحْبُوبًا سِوائِي.
(٢٠) ﴿ يَا ابْنَ الرُّوحِ ﴾
حَقِّي عَلَيْكَ كَبِيرٌ لا يُنْسَى، وَفَضْلِي بِكَ عَظيمٌ لا يُغْشى، وَحُبِّي فِيكَ مَوْجُودٌ لا يُغَطَّى، وَنُوري لَكَ مَشْهُودٌ لا يَخْفى.
(٢١) ﴿ يَا ابْنَ البَشَرِ ﴾
قَدَّرْتُ لَكَ مِنَ الشَّجَرِ الأَبْهَى الْفَواكِهَ الأَصْفى، كَيْفَ أَعْرَضْتَ عَنْهُ وَرَضِيتَ بِالَّذِي هُوَ أَدْنَى،
فارْجِعْ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ فِي الأُفُقِ الأَعْلَى.
(٢٢) ﴿ يَا ابْنَ الرُّوحِ ﴾
خَلَقْتُكَ عَالِيًا، جَعَلْتَ نَفْسَكَ دانِيَةً؛ فَاصْعَدْ إِلى ما خُلِقْتَ لَهُ.
(٢٣) ﴿ يَا ابْنَ العَماءِ ﴾
أَدْعُوكَ إِلَى الْبَقَاءِ وَأَنْتَ تَبْتَغِي الْفَنَاءَ، بِمَ أَعْرَضْتَ عَمَّا نُحِبُّ وَأَقْبَلْتَ إِلَى مَا تُحِبُّ.
(٢٤) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
لَا تَتَعَدَّ عَنْ حَدِّكَ وَلا تَدَّعِ مَا لَا يَنْبَغِي لِنَفْسِكَ، اسْجُدْ لِطَلْعَةِ رَبِّكَ ذِي الْقُدْرَةِ وَالإِقْتِدَارِ.
(٢٥) ﴿ يَا ابْنَ الرُّوحِ ﴾
لَا تَفْتَخِرْ عَلَى الْمِسْكِينِ بِافْتِخَارِ نَفْسِكَ، لِأَنِّي أَمْشِي قُدَّامَهُ وَأَرَاكَ فِي سُوءِ حَالِكَ وَأَلْعَنُ عَلَيْكَ إِلَى الأَبَدِ.
(٢٦) ﴿ يَا ابْنَ الوُجُودِ ﴾
كَيْفَ نَسِيتَ عُيوبَ نَفْسِكَ وَاشْتَغَلْتَ بِعُيُوبِ عِبادِي. مَنْ كانَ عَلى ذلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةٌ مِنِّي.
(٢٧) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
لَا تَنَفَّسْ بِخَطَأِ أَحَدٍ مَا دُمْتَ خاطِئًا، وَإِنْ تَفْعَلْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مَلْعُونٌ أَنْتَ، وَأَنَا شاهِدٌ بِذَلِكَ.
(٢٨) ﴿ يَا ابْنَ الرُّوحِ ﴾
أَيْقِنْ بِأَنَّ الَّذي يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْعَدْلِ وَيَرْتَكِبُ الْفَحْشَاءَ فِي نَفْسِهِ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنِّي وَلَوْ كَانَ عَلَى اسْمِي.
(٢٩) ﴿ يَا ابْنَ الوُجُودِ ﴾
لَا تَنْسِبْ إِلَى نَفْسٍ مَا لَا تُحِبُّهُ لِنَفْسِكَ، وَلَا تَقُلْ مَا لَا تَفْعَل. هَذَا أَمْرِي عَلَيْكَ فَاعْمَلْ بِهِ.
(٣٠) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
لَا تَحْرِمْ وَجْهَ عَبْدِي إِذَا سَأَلَكَ فِي شَيْءٍ؛ لأَنَّ وَجْهَهُ وَجْهِي فَاخْجَلْ مِنِّي.
(٣١) ﴿ يَا ابْنَ الوُجُودِ ﴾
حاسِبْ نَفْسَكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُحَاسَبَ، لأَنَّ الْمَوْتَ يَأْتِيكَ بَغْتَةً وَتَقُومُ عَلَى الْحِسابِ فِي نَفْسِكَ.
(٣٢) ﴿ يَا ابْنَ العَماءِ ﴾
جَعَلْتُ لَكَ الْمَوْتَ بِشَارَةً، كَيْفَ تَحْزَنُ مِنْهُ. وَجَعَلْتُ النُّورَ لَكَ ضِياءً، كَيْفَ تَحْتَجِبُ عَنْهُ.
(٣٣) ﴿ يَا ابْنَ الرُّوحِ ﴾
بِبِشارَةِ النُّورِ أُبَشِّرُكَ فَاسْتَبْشِرْ بِهِ، وَإِلى مَقَرِّ القُدْسِ أَدْعُوكَ تَحَصَّنْ فِيهِ، لِتَسْتَريحَ إِلَى أَبَدِ الأَبَدِ.
(٣٤) ﴿ يَا ابْنَ الرُّوحِ ﴾
رُوحُ القُدْسِ يُبَشِّرُكَ بِالأُنْسِ، كَيْفَ تَحْزَنُ. وَرُوحُ الأَمْرِ يُؤَيِّدُكَ عَلَى الأَمْرِ، كَيْفَ تَحْتَجِبُ.
وَنُورُ الوَجْهِ يَمْشِي قُدَّامَكَ، كَيْفَ تَضِلُّ.
(٣٥) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
لَا تَحْزَنْ إِلاّ فِي بُعْدِكَ عَنَّا، وَلا تَفْرَحْ إِلاّ فِي قُرْبِكَ بِنا وَالرُّجُوعِ إِلَيْنا.
(٣٦) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
افْرَحْ بِسُرُورِ قَلْبِكَ، لِتَكُونَ قابِلاً لِلِقائِي وَمِرآةً لِجَمالِي.
(٣٧) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
لَا تُعَرِّ نَفْسَكَ عَنْ جَميلِ رِدائِي وَلَا تَحْرِمْ نَصِيبَكَ مِنْ بَدِيعِ حِياضِي؛ لِئَلَّا يَأْخُذَكَ الظَّمَأُ فِي سَرْمَدِيَّةِ ذاتِي.
(٣٨) ﴿ يَا ابْنَ الوُجُودِ ﴾
اعْمَلْ حُدُودِي حُبًّا لِي، ثُمَّ انْهِ نَفْسَكَ عَمّا تَهْوى طَلَبًا لِرِضائِي.
(٣٩) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
لا تَتْرُكْ أَوامِرِي حُبًّا لِجَمَالِي، وَلا تَنْسَ وَصَايَايَ ابْتِغاءً لِرِضائِي.
(٤٠) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
ارْكُضْ فِي بَرِّ الْعَماءِ ثُمَّ أَسْرِعْ فِي مَيْدانِ السَّمآءِ. لَنْ تَجِدَ الرَّاحَةَ إِلاَّ بِالخُضُوعِ لأَمْرِنا وَالتَّواضُعِ لِوَجْهِنا.
(٤١) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
عَظِّمْ أَمْرِي لأُظْهِرَ عَلَيْكَ مِنْ أَسْرارِ العِظَمِ، وَأُشْرِقَ عَلَيْكَ بِأَنْوارِ الْقِدَمِ.
(٤٢) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
كُنْ لِي خاضِعًا لأَكُونَ لَكَ مُتَواضِعًا، وَكُنْ لأَمْري ناصِرًا لِتَكُونَ فِي المُلْكِ مَنْصُورًا.
(٤٣) ﴿ يَا ابْنَ الوُجُودِ ﴾
اذْكُرْنِي فِي أَرْضِي لأَذْكُرَكَ فِي سَمائِي؛ لِتَقَرَّ بِهِ عَيْنُكَ وَتَقَرَّ بِهِ عَيْنِي.
(٤٤) ﴿ يَا ابْنَ العَرْشِ ﴾
سَمْعُكَ سَمْعِي فَاسْمَعْ بِهِ، وَبَصَرُكَ بَصَرِي فَأَبْصِرْ بِهِ؛ لِتَشْهَدَ فِي سِرِّكَ لِي تَقْدِيسًا عَلِيًّا، لأَشْهَدَ لَكَ فِي نَفْسي مَقامًا رَفِيعًا.
(٤٥) ﴿ يَا ابْنَ الوُجُودِ ﴾
اسْتَشْهِدْ فِي سَبِيلي رَاضِيًا عَنّي وَشاكِرًا لِقَضائِي، لِتَسْتَريحَ مَعِي فِي قِبابِ العَظَمَةِ خَلْفَ سُرادِقِ الْعِزَّةِ.
(٤٦) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
فَكِّرْ فِي أَمْرِكَ وَتَدَبَّرْ فِي فِعْلِكَ. أَتُحِبُّ أَنْ تَمُوتَ عَلَى الْفِراشِ أَوْ تُسْتَشْهَدَ فِي سَبِيلِي عَلَى التُّرابِ،
وَتَكُونَ مَطْلِعَ أَمْرِي وَمَظْهَرَ نُوري فِي أَعْلَى الْفِرْدَوْسِ، فَأَنْصِفْ يا عَبْدُ.
(٤٧) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
وَجَمالِي تَخَضُّبُ شَعْرِكَ مِنْ دَمِكَ لَكانَ أَكْبَرَ عِنْدي عَنْ خَلْقِ الكَوْنَيْنِ وَضِياءِ الثَّقَلَيْنِ، فَاجْهَد فِيهِ يا عَبْدُ.
(٤٨) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
لِكُلِّ شَيْءٍ عَلامَةٌ؛ وَعَلامَةُ الْحُبِّ الصَّبْرُ فِي قَضَائِي وَالاصْطِبارُ فِي بَلائِي.
(٤٩) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
الْمُحِبُّ الصَّادِقُ يَرْجُو الْبَلاءَ كَرَجاءِ الْعاصِي إِلَى الْمَغْفِرَةِ وَالمُذْنِبِ إِلَى الرَّحْمَةِ.
(٥٠) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسَانِ ﴾
إِنْ لَا يُصيبُكَ البَلاءُ فِي سَبِيْلِي كَيْفَ تَسْلُكُ سُبُلَ الرَّاضِينَ فِي رِضائِي، وَإِنْ لَا تَمَسُّكَ المَشَقَّةُ شَوْقًا لِلِقائِي
كَيْفَ يُصِيبُكَ النُّورُ حُبّاً لِجَمالِي.
(٥١) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسَانِ ﴾
بَلاَئِي عِنايَتي، ظاهِرُهُ نارٌ وَنِقْمَةٌ وَباطِنُهُ نُورٌ وَرَحْمَةٌ. فاسْتَبِقْ إِلَيْهِ لِتَكُونَ نُورًا أَزَلِيًّا وَرُوحًا قِدَمِيًّا، وَهُوَ أَمْري فَاعْرِفْهُ.
(٥٢) ﴿ يَا ابْنَ البَشَرِ ﴾
إِنْ أَصَابَتْكَ نِعْمَةٌ لَا تَفْرَحْ بِها، وَإِنْ تَمَسَّكَ ذِلَّةٌ لا تَحْزَنْ مِنْهَا، لأَنَّ كِلْتَيْهِما تَزُولانِ فِي حِين وَتَبِيدانِ فِي وَقْتٍ.
(٥٣) ﴿ يَا ابْنَ الوُجُودِ ﴾
إِنْ يَمَسَّكَ الفَقْرُ لَا تَحْزَنْ، لأَنَّ سُلْطانَ الغِنى يَنْزِلُ عَلَيْكَ فِي مَدَى الأَيَّامِ. وَمِنَ الذِّلَّةِ لَا تَخَفْ،
لِأَنَّ الْعِزَّةَ تُصِيبُكَ فِي مَدَى الزَّمانِ.
(٥٤) ﴿ يَا ابْنَ الوُجُودِ ﴾
إِنْ تُحِبَّ هَذِهِ الدَّوْلَةَ الباقِيَةَ الأَبَدِيَّةَ وَهذِهِ الْحَياةَ الْقِدَمِيَّةَ الأَزَلِيَّةَ، فَاتْرُكْ هذِهِ الدَّوْلَةَ الْفانِيَةَ الزَّائِلَةَ.
(٥٥) ﴿ يَا ابْنَ الوُجُودِ ﴾
لَا تَشْتَغِل بِالدُّنْيا؛ لِأَنَّ بِالنَّارِ نَمْتَحِنُ الذَّهَبَ، وَبِالذَّهَبِ نَمْتَحِنُ العِبادَ.
(٥٦) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
أَنْتَ تُريدُ الذَّهَبَ وَأَنا أُريدُ تَنْزيهَكَ عَنْهُ، وَأَنْتَ عَرَفْتَ غَنَاءَ نَفْسِكَ فِيهِ، وَأَنَا عَرَفْتُ الْغَناءَ فِي تَقْدِيسِكَ عَنْهُ.
وَعَمْري هَذا عِلْمِي وَذلِكَ ظَنُّكَ؛ كَيْفَ يَجْتَمِعُ أَمْرِي مَعَ أَمْرِكَ.
(٥٧) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
أَنْفِقْ مالِي عَلى فُقَرائِي لِتُنْفِقَ فِي السَّمآءِ مِنْ كُنُوزِ عِزِّ لا تَفْنى وَخَزائِنِ مَجْدٍ لا تَبْلى؛ وَلكِنْ وَعَمْري
إِنْفاقَ الرُّوحِ أَجْمَلُ لَوْ تُشاهِدْ بِعَيْني.
(٥٨) ﴿ يَا ابْنَ البَشَرِ ﴾
هَيْكَلُ الْوُجُودِ عَرْشي، نَظِّفْهُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ لاِسْتِوائِي بِهِ وَاسْتِقْرارِي عَلَيْهِ.
(٥٩) ﴿ يَا ابْنَ الوُجُودِ ﴾
فُؤادُكَ مَنْزِلِي قَدِّسْهُ لِنُزُولِي، وَرُوحُكَ مَنْظَرِي طَهِّرْها لِظُهُوري.
(٦٠) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِي لأَرْفَعَ رَأْسي عَنْ جَيْبِكَ مُشْرِقًا مُضِيئًا.
(٦١) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسَانِ ﴾
اصْعَدْ إِلى سَمائِي لِكَيْ تَرى وِصالِي؛ لِتَشْرَبَ مِنْ زُلالِ خَمْرٍ لا مِثالَ وَكُؤُبِ مَجْدٍ لا زَوالَ.
(٦٢) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسَانِ ﴾
قَدْ مَضى عَلَيْكَ أَيَّامٌ، وَاشْتَغَلْتَ فِيها بِمَا تَهْوى بِهِ نَفْسُكَ مِنَ الظُّنُونِ وَالأَوْهَامِ. إِلَى مَتَى تَكُونُ راقِدًا عَلَى بِساطِكَ.
ارْفَعْ رَأْسَكَ عَنِ النَّوْمِ؛ إِنَّ الشَّمْسَ ارْتَفَعَتْ فِي وَسَطِ الزَّوالِ، لَعَلَّ تُشْرِقُ عَلَيْكَ بِأَنْوارِ الْجَمالِ.
(٦٣) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسَانِ ﴾
أَشْرَقْتُ عَلَيْكَ النُّورَ مِنْ أُفُقِ الطُّورِ، وَنَفَخْتَ رُوحَ السَّناءِ في سِيناءِ قَلْبِكَ؛ فَأَفْرِغْ نَفْسَكَ عَنِ الحُجُباتِ وَالظُّنُوناتِ،
ثُمَّ ادْخُلْ عَلَى البِساطِ لِتَكُونَ قابِلاً لِلْبَقاءِ وَلائِقًا لِلِّقاءِ، كَيْ لا يَأْخُذَكَ مَوْتٌ وَلا نَصْبٌ وَلا لَغُوبٌ.
(٦٤) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسَانِ ﴾
أَزَلِيَّتي إِبْداعِي أَبْدَعْتُها لَكَ، فَاجْعَلْها رِداءً لِهَيْكَلِكَ. وَأَحَدِيَّتي إِحْداثي اخْتَرَعْتُها لأَجْلِكَ،
فَاجْعَلْها قَمِيصَ نَفْسِكَ لِتَكُونَ مَشْرِقَ قَيُّومِيَّتِي إِلى الأَبَدِ.
(٦٥) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
عَظَمَتِي عَطِيَّتِي إِلَيْكَ، وَكِبْرِيائِي رَحْمَتِي عَلَيْكَ، وَما يَنْبَغِي لِنَفْسِي لا يُدْرِكُهُ أَحَدٌ وَلَنْ تُحْصِيَهُ نَفْسٌ؛
قَدْ أَخْزَنْتُهُ فِي خَزائِنِ سِرِّي وَكَنائِزِ أَمْرِي تَلَطُّفًا لِعِبادِي وَتَرَحُّمًا لِخَلْقِي.
(٦٦) ﴿ يَا أَبْناءَ الْهُوِيَّةِ فِي الْغَيْبِ ﴾
سَتُمْنَعُونَ عَنْ حُبِّي وَتَضْطَرِبُ النُّفُوسُ مِنْ ذِكْرِي؛ لأَنَّ الْعُقُولَ لَنْ تَطيقَنِي وَالْقُلُوبَ لَنْ تَسَعَني.
(٦٧) ﴿ يَا ابْنَ الْجَمَالِ ﴾
وَرُوحِي وَعِنايَتِي ثُمَّ رَحْمَتِي وَجَمالِي، كُلُّ ما نَزَّلْتُ عَلَيْكَ مِنْ لِسانِ الْقُدْرَةِ وَكَتَبْتُهُ بِقَلَمِ القُوَّةِ
قَدْ نَزَّلْناهُ عَلى قَدْرِكَ وَلَحْنِكَ لَا عَلَى شَأْنِي وَلَحْنِي.
(٦٨) ﴿ يَا أَبْناءَ الإِنْسانِ﴾
هَلْ عَرَفْتُمْ لِمَ خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ واحِدٍ؛ لِئَلاَّ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ عَلى أَحَدٍ. وَتَفَكَّرُوا فِي كُلِّ حِينٍ فِي خَلْقِ أَنْفُسِكُم؛ إِذاً يَنْبَغِي كَما خَلَقْناكُم مِنْ شَيْءٍ واحِدٍ أَنْ تَكُونُوا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ، بِحَيْثُ تَمْشُونَ عَلى رِجْلٍ واحِدَةٍ، وَتَأْكُلُونَ مِنْ فَمٍ واحِدٍ، وَتَسْكُنُونَ فِي أَرْضٍ واحِدَةٍ؛ حَتَّى تَظْهَرَ مِنْ كَيْنُوناتِكُمْ وَأَعْمالِكُمْ وَأَفْعالِكُمْ آياتُ التَّوْحِيدِ وَجَواهِرُ التَّجْرِيدِ. هذا نُصْحِي عَلَيْكُم يا مَلأَ الأَنْوارِ، فَانْتَصِحُوا مِنْهُ لِتَجِدُوا ثَمَراتِ القُدْسِ مِنْ شَجَرِ عِزٍّ مَنيعٍ.
(٦٩) ﴿ يَا أَبْناءَ الرُّوحِ ﴾
أَنْتُمْ خَزائِني، لأَنَّ فِيكُم كَنَزْتُ لآلِئَ أَسْرارِي وَجَوَاهِرَ عِلْمِي، فَاحْفَظُوها لِئَلاَّ يَطَّلِعَ عَلَيْهَا أَغْيارُ عِبادِي وَأَشْرارُ خَلْقِي.
(٧٠) ﴿ يَا ابْنَ مَنْ قامَ فِي مَلَكُوتِ نَفْسِهِ ﴾
اعْلَمْ بِأَنِّي قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ رَوائِحَ الْقُدْسِ كُلَّهَا، وَأَتْمَمْتُ الْقَوْلَ عَلَيْكَ وَأَكْمَلْتُ النِّعْمَةَ بِكَ وَرَضِيتُ لَكَ مَا رَضِيتُ لِنَفْسِي،
فَارْضَ عَنِّي ثُمَّ اشْكُرْ لِي.
(٧١) ﴿ يَا ابْنَ الإِنْسانِ ﴾
اكتُبْ كُلَّ مَا أَلْقَيْنَاكَ مِنْ مِدَادِ النُّورِ عَلَى لَوْحِ الرُّوحِ. وَإِنْ لَنْ تَقْدِرَ عَلَى ذلِكَ فاجْعَلِ المِدَادَ مِنْ جَوْهَرِ الفُؤادِ، وَإِنْ لَنْ تَسْتَطِيعَ فَاكْتُبْ مِنَ المِدَادِ الأَحْمَرِ الَّذِي سُفِكَ فِي سَبيلي؛ إِنَّهُ أَحْلَى عِنْدِي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، لِيَثْبُتَ نُورُهُ إِلَى الأَبَدِ.