الدين البهائي
"لتكن رؤيتكم عالمية ..." -- حضرة بهاء الله
"لو رزقت قليلًا من زلال المعرفة الإلهيّة لعرفت بأنَّ الحياة الحقيقيّة هي حياة القلب لا حياةُ الجسد ..." -- حضرة بهاء الله
"إن دين الله ومذهب الله يهدف إلى حفظ واتحاد واتفاق العالم والمحبة والألفة بين اهل العالم." -- حضرة بهاء الله

المحافل الروحانية المركزية والمحلية


تمهيدًا لتأسيس بيت عدل في كل مدينة كما ذكر في آثار حضرة بهاء الله فقد ذكر حضرة عبد البهاء بأنَّه إذا بلغ عدد البهائيين البالغين في أي منطقة تسعة أفراد أو أكثر يجب إجراء انتخابات من أجل تأسيس محفل روحاني محلي ليعمل كهيئة مسئولة عن إدارة شئون الدين في تلك المنطقة. يتكون كل محفل روحاني من تسعة أفراد ينتخبون بواسطة الأفراد البالغين في الجامعة المحلية. ومن ضمن وظائف المحافل الروحانية الإشراف على جميع الفعاليات البهائية المحلية مثل التبليغ وإعداد البرامج التعليمية وإدارة شئون النشر والتوزيع المحلي وعقد جلسات المناسبات الدينية والإشراف على صندوق التبرعات وتذكير الأحباء ببعض الأحكام والتعاليم وأيضًا إنجاز مجموعة كبيرة أخرى من الوظائف المتعددة[۱].


لقد أشرف حضرة عبد البهاء بنفسه على تأسيس أول محفل روحاني في إيران وأول محفل روحاني في الغرب، وأسدى لهما توجيهاته الضرورية أثناء فعالياتهما الأولية. كما صرف حضرة شوقي أفندي الكثير من وقته لأداء نفس المهمة. وقد طبعت مجموعة من الكتب احتوت على العديد من الإرشادات والتوجيهـات والمراسلات الصادرة من يراعة حضـرة عبد البهاء وحضرة ولي أمر الله حول مبادئ الإدارة البهائية ووزعت في شتى أنحاء العالم البهائي. هذه الإرشادات تغطي مجموعة كبيرة من المواضيع وتؤكد بأنَّ تطور الجامعة البهائية خلال القرون القادمة ستكون نتيجتها، كما صوّرها تمامًا حضرة بهاء الله ومركز عهده حضرة عبد البهاء ومن بعده ولي أمره شوقي أفندي[۲].


تأسست المحافل الروحانية على المستوى المركزي أيضًا (أو على المستوى الإقليمي أحيانًا). إنَّ مسئولياتهم ووظائفهم شبيهة بتلك التي تتولاها المحافل الروحانية المحلية ولكنها أوسع نطاقًا وأكثر تعقيدًا. علاوة على ذلك، فإنَّهم مسئولون عن الإشراف على فعاليات المحافل الروحانية المحلية وتحديد الأعمال التي يجب تنفيذها على المستوى المحلي أو غيرها من الأعمال الواجب تنفيذها على المستوى المركزي أو الإقليمي.


فبينما يتم اختيار أعضاء المحفل الروحاني المحلي بالانتخاب المباشر من قبل أفراد الجامعة المحلية، يتم انتخاب أعضاء المحفل الروحاني المركـزي على مرحلتين طبقًا لنظام الانتخابات. إذ يقوم أولاً جميع الأفراد البالغين في الجامعة البهائية في منطقة معينة بانتخاب عدد محدد من الوكلاء أو المندوبين. ويعتمد عدد هؤلاء الوكلاء على حجم الجامعة البهائية ومداها في تلك المنطقة من البلاد. ومن ثمَّ يجتمع جميع الوكلاء في البلاد في مؤتمر سنوي مركزي وينتخبون تسعة أفراد من بين كافة أعضاء الجامعة البالغين، سواء كانوا أعضاء في المؤتمر السنوي أم لم يكونوا، وهؤلاء التسعة المنتخبون يصبحون أعضاء المحفل الروحاني المركزي.


إنَّ عملية الانتخابات هذه التي تتأسس على أثرها المحافل الروحانية تحتوي على عدة خصائص بارزة ومميزة. أولها أنَّ عملية التصويت تتم من خلال الاقتراع السري وثانيها أنَّ التعاليم البهائية تمنع أي نوع من الدعاية الانتخابية والإعلان بما فيه الترشيح للإنتخابات. يقوم كل مقترع بكتابة أسماء تسعة أفراد مختلفين وبعد فرز الأصوات يكون الأفراد التسعة الذين حازوا على أكثرية الأصوات قد انتخبوا لعضوية المحفل الروحاني. وإذا تساوت الأصوات لتاسع عضو تتم الانتخابات مجددًا بين أولئك الذين تساوت أصواتهم. ونظرًا لعدم وجود مرشحين في الانتخابات فإنَّ هناك أقصى حرية للناخب في الاختيار، ولا مكان لأولئك الذين يسعون للقوة والسلطة في الظهور مثلما هي حال المنظمات الأخرى. ومن المفترض أن يكون أعضاء المحافل الروحانية المحلية والمركزية على أتم استعداد لأداء وظائفهم المخولة لهم.


تجري عملية الانتخاب في كل عام في أواخر شهر إبريل (نيسان) وتصادف الاحتفال بعيد الرضوان ويقوم المحفل الروحاني المنتخب بواجبه لمدة سنة كاملة تبدأ بعد إعلان نتيجة الانتخابات أو في أقرب فرصة ممكنة.


إنَّ روح هذه العملية وشكلها شرحه لنا حضرة شوقي أفندي بالعبارات التالية:

"إذا نظرنا إلى المؤهلات السامية التي يجب أن تتوفر في أعضاء المحافل البهائية كما ذكرت في ألواح حضرة عبد البهاء، تغمرنا مشاعر الخيبة وعدم الاستحقاق ونشعر حقًا باليأس لولا ذلك الخاطر المطمئن وهو إذا ما نهضنا لنقوم بدورنا بكل نبل فإنَّ كل نقص في حياتنا سيعوّض تعويضًا عظيمًا عن طريق تلك الروح القاهرة الشاملة لفضله و قوته. بناء عليه يجب على الوكلاء المنتخبين أن يأخذوا بعين الاعتبار وبدون أدنى شائبة من شوائب التعصب أو العاطفية وبغض النظر عن أي اعتبار مادي أسماء أولئك الذين تندمج فيهم على أتم وجه الصفات الضرورية الآتية: ولاء لا شك فيه، إخلاص يتصف بالتفاني، عقل راجح، مقدرة معترف بها وخبرة ناضجة"[٣].


كما يجب أن نذكر هنا إحدى الخصائص الهامة للانتخابات البهائية. لقد أعطى حضرة بهاء الله مفاهيم عملية للقيم الروحية، مثال ما ورد حول تساوي حقوق المرأة مع الرجل حيث أشار حضرته بأنَّ الأقليات الجنسية والمجموعات العرقية عانت كثيرًا من التفرقة العنصرية في مناطق مختلفة من العالم، ولم تعط الفرصة لأعضاء هذه الأقليات في تطوير عقليتها وتفكيرها مثلما حال الشعوب الأكثر حظًا. على الجامعة البهائية أن تدير شئـون هذه الأقليات بشكل مدروس ولأقصى حد ممكن حتى يتم وضع حد للظلم وسلب الحقوق. وعليه، فإنَّه أثناء الانتخابات إذا ما تساوت المؤهلات بين شخص يمثل الأقلية وآخر عادي، فإنَّ ضمير الناخب مدعو أن يصوت لصالح ممثل الأقلية.


ونفس هذا المبدأ الانتخابي الرئيسي يسري على انتخاب بيت العدل الأعظم. وفي هذه الحالة فإنَّ الناخبين هم أعضاء المحافل الروحانية المركزية في العالم البهائي، وعلى العكس من المحافل الروحانية المحلية والمركزية، فإنَّ بيت العدل الأعظم ينتخب مرة واحدة كل خمس سنوات في مؤتمر عالمي يعقد في المركز البهائي العالمي في حيفا بفلسطين[٤].




%
تقدم القراءة
- / -