الدين البهائي
"لتكن رؤيتكم عالمية ..." -- حضرة بهاء الله
"لو رزقت قليلًا من زلال المعرفة الإلهيّة لعرفت بأنَّ الحياة الحقيقيّة هي حياة القلب لا حياةُ الجسد ..." -- حضرة بهاء الله
"إن دين الله ومذهب الله يهدف إلى حفظ واتحاد واتفاق العالم والمحبة والألفة بين اهل العالم." -- حضرة بهاء الله

المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق والواجبات


يتفضل حضرة بهاءالله بقوله العزيز:


تعالى وتعالى من رفع الفرق ووضع الاتفاق، تباهى تباهى من أخذ الاختلاف وحكم بالاثبـات والائـتلاف لله الحمد بما ازال القلم الاعلى الفروقات ما بين العباد والاماء ووضع الجميع في صقع واحد بالعناية الكاملة والرحمة الشاملة. لقد قطع ظهر الظنون بسيف البيان ومحا مخاطر الاوهام بقدرته الغالبة القوية.   - "مائدة آسماني"، المجلد الثامن، ص٥٢-٥٣


بينما تذهب العديد من التقاليد والأعراف الدينية والفلسفية إلى الاعتقاد بأنَّ المرأة يجب أنْ تكون خاضعة للرجل في نواح معينة من الحياة الاجتماعية وحتى إنَّ المرأة في درجة أدنى من الرجل، فإنَّ الدين البهائي يدعو إلى تساوي حقوق المرأة بالرجل. فقد أكدَّ حضرة بهاءالله وحضرة عبدالبهاء بأنَّ المرأة لديها القدرات العقلية المساوية للرجل وفي المستقبل تستطيع المرأة إظهار طاقاتها لكي تحقق انتصارات في المجالات الذهنية والعلمية في جميع أوجه الشئون الإنسانية.


وفي مؤتمر اجتماع حرية المرأة في لندن في يناير ١٩١٣ قال حضرة عبدالبهاء مترجماً:


إن الإنسانية كالطائر ذي الجناحين أولهما الذكر والآخر الأنثى، وما لم يكن الجناحان قويين تحركهما قوة واحدة فإن الطير لا يقدر أن يطير نحو السماء. فتبعاً لروح هذا العصر يجب أن تتقدم النساء ليتممن رسالتهن في الحياة، ولهذا يجب أن يتساوين مع الرجال. إن أحد تعاليم حضرة بهاءالله المهمة هو أن تصبح النساء في مستوى واحد مع الرجال، وأن يتمتعن بحقوق وامتيازات وفرص مساوية لحقوق الرجال وفرصهم وامتيازاتهم... والآن يجب على النساء أن يمضين في التقدم وأن يوسعْن معلوماتهن في العلوم والآداب والتاريخ لأجل إكمال الإنسانية. فعن قريب سوف ينلن حقوقهن، ويعلم الرجال أن النساء جادّات في عملهن ويحافظن على كرامتهن ويترقين في الحياة السياسية والمدنية. ويقفن حجر عثرة في سبيل الحرب ويطالبن بحقوق الانتخاب والمساواة في كل الامتيازات التي يتمتع بها الرجال.  - "مختصر المبادئ البهائية"، الطبعة الرابعة، نيسان ١٩٩٧، ص٣٥-٣٦


وبفضل الروح التي بثها حضرة بهاءالله في العالم منذ قرن ونصف ونيّف، فإن البشرية الآن تقف على أعتاب أولى مرحلة نضجها، وأصبحنا نرى المرأة تجد طريقها في كثير من ميادين الخدمة الاجتماعية والإنسانية والصحية وحتى غزت عالم السياسة بكل جدارة وإبداع، فانطلقت منها القوى التي كانت حبيسة أفكار وتقاليد ابتدعها الرجل للحفاظ على مكانته في السيطرة والاستئثار بكل شئ متذرعاً بأن المرأة ضلع قاصر ناقص، ومكانها اللائق بها هو البيت واقتصار دورها على واجباتها البيتية فقط. أما الآن فإننا أصبحنا في قرن امتزجت فيه قدرات الرجال وخبراتهم ونضجهم مع قدرات النساء وفضائلهن وما يمتزن به، وبذلك استطاعت البشرية أن تبدأ تحلقها المتزن في سماء ازدهار العالم الإنساني، وهذا ما سيؤدي إلى الحد من نشوب الحروب المدمرة وإقامة دعائم السلام المنشود. فيتفضل حضرة عبدالبهاء بقوله:


مرَّت البشرية في العصور السالفة بمراحل من النقص والفتور لأنَّها لم تكن كاملة. فالحروب وآثارها قد أصابت العالم بآفاتها. إنَّ تعليم المرأة سوف يكون خطوة جيدة نحو إنهاء الحروب والقضاء عليها ذلك لأنَّ المرأة ستستخدم كامل تأثيرها ضد الحرب… وفي الحقيقة فإنَّ المرأة ستكون عنصراً رئيسياً في تأسيس السلام العالمي والمحكمة الدولية. وبالتأكيد ستعمل المرأة على إنهاء الحروب بين الجنس البشري.   - من كتاب The Promulgation of Universal Peace ص ۱٠٨


وفي مقام آخر يتفضل:


"... وفي التوراة قال تعالى: ’وخلق الله الإنسان على صورته‘ وجاء في الحديث النبوي: ’خلق الله آدم على صورته‘ والمقصود بهذه الصورة الصورة الرحمانية يعني أن الإنسان صورة الرحمن ومظهر صفات الله، والله حي والإنسان حي أيضاً. والله بصير والإنسان بصير. والله سميع والإنسان سميع أيضاً. والله مقتدر والإنسان مقتدر أيضاً. اذن فالإنسان آية الرحمن وهو صورة الله ومثاله وهذا تعميم لا تخصيص بالرجال دون النساء. لأنه ليس عند الله ذكور وإناث وكل من هو أكمل فإنه أقرب الى الله سواء كان رجلا أم امرأة. لكن النساء لم يربين حتى الآن تربية الرجال ولو ربين كذلك لأصبحن مثل الرجال. وعندما ننظر الى التاريخ نرى كم من شهيرات النساء وجدن في عالم الأديان وفي عالم السياسة..." إن عدم اشتراك المرأة في الماضي اشتراكاً متكافئاً مع الرجل في شؤون الحياة، لم يكن أمراً أملته طبيعتها بقدر ما برّره نقص تعليمها وقلة مرانها وأعباء عائلتها وعزوفها عن النزال والقتال. أمَا وقد فتحت اليوم أبواب التعليم أمام المرأة، وأتيح لها مجال الخبرة بمساواة مع الرجل، وتهيأت الوسائل لإعانتها في رعاية أسرتها، وأضحى السلام بين الدول والشعوب ضرورة تقتضيها المحافظة على المصالح الحيوية للجنس البشري، لم يعد هناك لزوم لابقاء امتياز الرجل بعد زوال علته وانقضاء دواعيه. إن تحقيق المساواة بين عضوي المجتمع البشري يتيح الاستفادة التامة من خصائصها المتكاملة، ويسرع بالتقدم الاجتماعي والسياسي، ويضاعف فرص الجنس البشري لبلوغ السعادة والرفاهية."   - "الدين البهائي" الصادر عن الجامعة البهائية العالمية عام ۱٩٩٤م.


كما يوجه حضرة عبدالبهاء نداءه لكل الذين بيدهم مفتاح الفرص أمام النساء بقوله:


اسعوا حتى ُتظهروا للعالم الإنساني بأن المرأة أكثر قدرة وإتقاناً في عملها وان قلبها أكثر حناناً وأسرع تأثراً من قلب الرجل وأكثر محبة لخير البشر وأكثر اهتماماً بمعاناة الناس واحتياجاتهم وأشد صلابة في مقاومتها للحروب ومحبة للسلام. اسعوا حتى تصبح فكرة السلام العالمي حقيقة بجهود المرأة لأن الرجل أكثر ميولا للحرب من المرأة وبذلك يظهر تفوق المرأة ويتجلى من خلال خدماتها وفعاليتها في تأسيس السلام العالمي.   - من كتاب The Promulgation of Universal Peace ص ۲٨٤



الأَمَة العاملة

فهل فرص العمل أمام المرأة يبعدها عن واجبها الأساسي في تربية أطفالها كما هو الاعتقاد السائد؟ يجيب بيت العدل الأعظم عن هذا السؤال بما يلي:


بالنسبة الى سؤالكم حول السماح للمرأة بالعمل خارج منزلها فانه قد يكون مساعداً أن ننظر للقضية من منظور العائلة البهائية. هذا المنظور مبني على مبدأ وهو أن الرجل هو المسئول الأول في إيجاد الوسائط المالية اللازمة للأسرة وأن المرأة هي المعلمة الأولى والرئيسة للأطفال. ولكن هذا لا يعني بأي حال بأن هذه الوظائف ثابتة وغير َمرنة ولا يمكن تغييرها بل هي قابلة للتعديل طبقاً لاحتياجات الأسره المعينة، ولا يعني أيضاً بأن مكان المرأة هو المنزل فقط. فبالرغم من معرفة كليهما لوظائفهما الرئيسة يمكن للأب أن يلعب دوراً هاماً في تعليم الأطفال ويمكن للمرأة أن تكون مصدراً للرزق. وكما ذكر بشكل صحيح فأن حضرة عبدالبهاء شجع المرأة "بأن تشارك بشكل كامل ومتساوٍ في شئون العالم". أما بالنسبة لتساؤلكم الخاص، حول مقدار الوقت الذي يمكن للأم أن تقضيه خارج المنزل، فإن ذلك يعتمد على الظروف المحيطة بالمنزل وهو أمر قابل للتغيير بين الحين والآخر. إن المشورة العائلية ستساعد على إيجاد الحل.   - من رسالة كتبت بالنيابة عن بيت العدل الاعظم إلى أحد الأحباء بتاريخ ٩ آب سنة ۱٩٨٤م


%
تقدم القراءة
- / -