تنمية القدرة على الخدمة

طالما أن الخدمة هي الميدان الذي تعمل فيه القدرات من أجل خير الفرد ومجتمعه، فمن الضروري أن يكون هناك تأهيل لهذه القُدرات وتنميتها وتوجيهها نحو هدف مشترك حتى تؤتي أُكُلَها، وبهذا نضمن المزيد والمزيد من الأفراد الفعّالين العاملين على تحسين مجتمعهم والإلمام بخصائصه ومتطلباته.

ولتلبية هذه الحاجة، يسعى المجتمع البهائي في جميع أنحاء العالم إلى مساعدة الأفراد على اكتساب فهم أعمق للتعاليم الإلهية التي هي الحافز الأكبر نحو العمل والتضحية والمثابرة، وذلك من خلال أنشطة تهدف إلى التمكين الجماعي، وتعلُّم كيفية إستخدام دراساتهم العلمية والدينية وثقافاتهم لتحسين حياتهم الفردية والجماعية واكتساب المزيد من الخبرة. من خصائص هذه الأنشطة أنها توفّر فُرَصًا لجميع النساء والرجال والشباب وحتى الأطفال الذين ينهضون بعيدًا عن اللامبالاة واليأس ويُقبلون بكل شغف على تنمية وتطوير قدراتهم ومهاراتهم لخدمة احتياجات إخوانهم المادية والروحية من بني البشر. إن ميزة هذه الأنشطة أنها تقرّب بين مختلف فئات المجتمع وتجمعهم على معين العمل والمشورة، وإلى حوار مستمر ومتنامٍ بين الزملاء والأصدقاء والأقارب في الأحياء والقرى والمدارس والجامعات وأماكن العمل وغيرها.

بقراءة النصوص البهائية ودراستها والتأمل في رؤى حضرة بهاء الله لعالم أفضل، يناقش الأفراد قضايا عميقة ومهمة مثل: حقيقة الإنسان، والهدف من الحياة، وكيف يتطور المجتمع وتتكامل عناصره. فكل هذا يمكّن الأشخاص أن يسيروا بدافع ووعي أقوى على طريقٍ يربط تقدّمهم الشخصي المادي والروحي بجهودهم لبناء عالم أفضل.

في طريق الخدمة والبناء هذا، يواجه العاملون تحديات وأسئلة صعبة ومعقدّة يقومون على تحليلها ودراستها بكل عمق لأن فيها الطاقة التي ستزودهم بالحافز والاندفاع المستمريْن. من هذه التساؤلات: كيف نخلق بيئة يكون فيها الدعاء مصدر إلهامٍ وبهجة للروح؟ كيف يمكن تكوين صداقات وتنمية العلاقات بين مختلف شرائح المجتمع؟ كيف يمكن جعل تعليم الأطفال جزءًا أساسيًا للأنشطة المجتمعية؟ كيف يمكن خلق بيئة تساعد الشباب على تنمية قدراتهم الفكرية والروحية ؟ كيف يمكن خلق ديناميكية في بيئة الأسرة تؤدي إلى الازدهار المادي والروحي؟

إن جهود التنسيق الممزوجة بروح التعاون والتناغم في جو من المحبّة هو الذي يذيب كل خلاف بين المجموعات العاملة إذا ما ظهر، ويبعث فيهم روح الإيثار والتعاطف والوحدة. فالكل منتمٍ إلى مسار الخدمة وعزيز على قلبه لأنه يعمل على تغيير حياتهم الفردية والجماعية. ودائمًا ما كان حضرة بهاء الله ينبّهنا إلى أن "لا تنهمكوا في شؤون أنفسكم، بل فكروا في إصلاح العالم وتهذيب الأمم."