الدين البهائي
"لتكن رؤيتكم عالمية ..." -- حضرة بهاء الله
"لو رزقت قليلًا من زلال المعرفة الإلهيّة لعرفت بأنَّ الحياة الحقيقيّة هي حياة القلب لا حياةُ الجسد ..." -- حضرة بهاء الله
"إن دين الله ومذهب الله يهدف إلى حفظ واتحاد واتفاق العالم والمحبة والألفة بين اهل العالم." -- حضرة بهاء الله

من آثار حضرة بهاء الله الكتابية


تعريف بالالواح المنزلة – الواح حضرة بهاء الله الى الملوك والرؤساء - من منشورات دار النشر البهائية في البرازيل، ص ١٣٣.


تعريف


تناول حضرة وليّ أمر الله شوقي ربّاني البحث بالتّفصيل حول ما جمع هذا الكتاب بين دفّتيه من الألواح والخطابات، وذلك في رسالة موجّهة إلى البهائيّين في ربوع الغرب(۱)، ثمّ عاد وأجمل من النّاحية التّاريخيّة ذلك البحث المطوّل في كتابه القيّم "GOD PASSES BY" الّذي صدر من يراعته بمناسبة بداية القرن الثّاني من ظهور الأمر البهائيّ جامعاً فيه الوقائع المهمّة التّاريخيّة لهذا الأمر منذ إعلان حضرة الباب عن دعوته (٢٣ أيّار ١٨٤٤) حتّى نهاية القرن البهائيّ الأوّل.


وفي مستهلّ بحثه المستوفى عن ألواح الملوك والرّؤساء يقول حضرة وليّ أمر الله في رسالته إلى البهائيّين في الغرب ما تعريبه:


"لا ينبغي أن ننسى أنّ ملوك الأرض وأقطاب أديان العالم هم الّذين اتّخذهم حضرة الباب وحضرة بهاء الله فوق كلّ طوائف النّاس – أهدافاً مباشرة للرّسالة الّتي أعلناها، وكانوا هم الّذين خاطباهم خاصّة في ألواح عديدة تاريخيّة، ودعواهم للاستجابة لنداء الله، وإليهم اتّجهت مناشدات مظهرَيْهِ المضطهدَيْنِ ولومهما وإنذارهما في لهجة واضحة ملزمة. وكانوا هم الّذين يتمتّعون دون منازع بسلطان زمنيّ ودينيّ مطلق على رعاياهم وأتباعهم حين ولد هذا الدّين ثمّ حين أعلنت رسالته فيما بعد، وكانوا هم الّذين يتحمّلون المسؤوليّة العليا عن المظالم الّتي يرتكبها أتباعهم ممّن كان بيدهم توجيه مصائرهم – سواء أكانوا يرفلون في زخرف الملكيّة الّتي قلّما حدّت من طغيانها في تلك الأيّام حدود دستوريّة، أم كانوا متمكّنين من معاقل سلطة دينيّة كان يبدو أنّها لا تقاوم أو تقهر. ولن يكون من الإسراف والمبالغة في شيء إذا قلنا أنّ الاستبداد من ناحية، والخضوع التّامّ للنّظم الدّينيّة من ناحية أخرى كانا من أخصّ خصائص حياة الشّعوب السّياسيّة والدّينيّة في معظم أقطار أوروبا وآسيا، فسلبت هذه الشّعوب الذّليلة المقيّدة تلك الحرّيّة الضّروريّة الّتي بها تتمكّن من تقديم مطالب الرّسالة الّتي جاءت لهم وميّزاتها أو تتمكّن من اعتناقها بلا تحفّظ، فلا عجب أن وجّه مؤسّس الدّين البهائيّ ومن قبله مبشّره إلى حدّ أقلّ، إلى حكّام الأرض وأقطابها الدّينيّين كلّ قوّة رسالتيهما، وجعلاهم أهدافاً لبعض من أسمى ألواحهما ودعواهم في لهجة واضحة ملحّة إلى أن يعيروا دعوتهما أسماعهم. ولا عجب أن كلّفا نفسيهما عناء الكشف عن حقائق ظهورَيْهما المتعاقِبَيْنِ أمام أعينهم وعناء تفصيل القول في متاعبهما وآلامهما. فلا عجب أنّ فيها على نفاسة الفرص السّوانح الّتي كان في مقدور هؤلاء الحكّام وأولئك الزّعماء اقتناصها، وعناء تحذيرهم وإنذارهم بجسامة التّبعات الّتي تقع على كواهلهم من جرّاء الإعراض عن رسالة الله، ثمّ كلّفا نفسيهما حين أغفلوهما وأعرضوا عنهما – عناء التنبّؤ بالنّتائج الوخيمة الّتي يتمخّض عنها مثل هذا الإغفال والإعراض. ولا عجب أن نرى ملك الملوك وخليفة الله نفسه ينطق بهذه النّبوءة العظيمة الجامعة حين نبذوه واحتقروا شأنه واضطهدوه قال: "رفعت العزّة عن طائفتين الأمراء والعلماء".


أمّا الملوك والأباطرة الّذين لم يرمزوا بذواتهم إلى جلال السّلطان الأرضيّ فحسب بل وتمتّع معظمهم فعلاً بسلطان لا يقبل التّحدّي ولا المناقشة على جموع شعوبهم فإنّ صلتهم بدين بهاء الله تكوّن قصّة من ألمع القصص في تاريخ عصر البطولة المجيد والعصر التّكويني للدّين. فتلك النّداءات الإلهيّة الّتي اتّسع نطاقها بأن شملت هذا العدد الضّخم من الرّؤوس المتوّجة في كلّ من أوروبّا وآسيا، وتلك الخطّة وهذه اللّغة الّتي كتبت بها الرّسالات والّتي جعلتهم يتّصلون اتّصالاً مباشراً بمنبع الوحي الإلهيّ وطبيعة استجابتهم لمثل هذا الوقع الجبّار، والنّتائج الّتي تلت – والّتي لا يزال في الإمكان مشاهدتها إلى يومنا هذا – هي أبرز ملامح موضوع لا أستطيع أن أقربه إلا قرباً غير كاف: موضوع سوف يعالجه المؤرّخون البهائيّون في المستقبل معالجة كاملة لائقة."


وأمّا في كتاب "GOD PASSES BY" عندما يسرد الوقائع التّاريخيّة الّتي حدثت إبّان وجود حضرة بهاء الله في أدرنه، يقول حضرة وليّ أمر الله ما ترجمته:


"بالرّغم من أنّ حضرة بهاء الله أمضه الحزن وأضناه، وحَنى ظهره الألم والكمد، وظلّ يعاني من آثار محاولة اغتياله، وبالرّغم من أنّه كان على علم باحتمال حدوث نفي آخر في القريب العاجل(٢) إلاّ أنّه نهض بقوّة لا مثيل لها – وحتّى قبل أن تنتهي الأزمة – ليعلن كلَّ من جمعوا في قبضتهم زمام السّلطة في الشّرق والغرب بالرّسالة الّتي وكّلت إليه دون أن تعوّقه الضّربة الّتي تلقّاها أمره ولا الأخطار الّتي أحدقت به من كلّ جانب. وبهذا الإعلان قدّر لشمس ظهوره أن تتألّق في دارة المجد وقدّر لدينه أن يظهر جلال قوّته الإلهيّة..."


"وفي عنفوان الأزمة العصيبة – بل وقبل أن تبلغ ذروتها – انهمرت من قلم حضرة بهاء الله ألواح لا حصر لها فصَّل فيها مكنونات دعاويه الجديدة ومضامينها تفصيلاً كاملاً... منها سورة الملوك وهي أهمّ لوح خاطب فيه حضرة بهاء الله جماعة الملوك في الشّرق والغرب للمرّة الأولى كما خاطب فيه سلطان تركيّا ووزراءه وملوك العالم المسيحيّ والسّفير الفرنسيّ والسّفير الإيرانيّ لدى الباب العالي ورجال الدّين الإسلامي في الآستانة وحكماءها وسكّانها وأهل إيران وفلاسفة العالم كلاً على حدة... ومنها اللّوح الأوّل لنابليون الثّالث إمبراطور الفرنسيّين يختبر فيه مدى إخلاصه في اعترافاته، ومنها لوح السّلطان وهو خطابه المفصّل لناصر الدّين شاه الّذي يبسط فيه أهداف دينه وأغراضه ومبادئه، ويدلّل على صدق دعواه وصحّة رسالته، ومنها سورة الرّئيس... وكلّ هذه كتابات لا تعتبر أبرز الألواح العديدة النّازلة في أدرنة فحسب بل إنّها لتحتلّ مكانة عليا بين كتابات صاحب الظّهور البهائي..." (٣)


وجاء أيضاً في الفصل الثّاني عشر من ذلك الكتاب القيّم البيانات التّالية: "وإذا استعرضنا الميدان الفسيح الّذي انسحبت عليه كتابات حضرة بهاء الله أثناء تلك الفترة(٤) اتّضح لنا أنّها تنقسم إلى ثلاث مجموعات متميّزة، تشمل أولاها الكتابات الّتي تعتبر نتائج إعلان رسالته في أدرنه وتتضمّن ثانيتها شرائع دورته وأحكامها الّتي سجّل معظمها في كتابه الأقدس، أمّا ثالثتها فتندرج تحتها الألواح الّتي تعلن وتؤكّد العقائد الأساسيّة والمبادئ الجوهريّة الّتي تقوم عليها تلك الدّورة.


"كان إعلان رسالته موجّهاً – كما لاحظنا من قبل – إلى ملوك الأرض بصفة خاصّة، ذلك لأنّهم – بحكم ما لهم من قوّة وسلطان تقع على كاهلهم مسؤوليّة التّحكّم في مصائر شعوبهم – وهي مسؤوليّة فريدة لا مفرّ لهم منها. إلى هؤلاء الملوك وإلى رجال الدّين في الأرض – أولئك الّذين لا يقلّ تأثيرهم على جموع أتباعهم قوّة ونفاذاً – وجّه سجين عكّاء دعواته وإنذاراته ومناشداته في غضون السّنوات الأولى من حبسه في تلك المدينة، وقد أكّد ذلك فقال:


"إنّا لمّا وردنا السّجن أردنا أن نبلّغ إلى الملوك رسالات ربّهم العزيز الحميد، ولو أنّا بلّغنا أمرنا به في ألواح شتّى هذه مرّة أخرى فضلاً من الله." (٥)

* * *

نشرت نسخ من هذه الألواح المباركة مخطوطة ضمن مجموعات متعدّدة وبقلم نسَّاخ بهائيّين منذ صدورها من يراعة حضرة بهاء الله، ثمّ نشرت منها مطبوعة ما أورد من الصّفحة ٨ حتّى الصّفحة ٧٢ لأوّل مرّة وذلك في عام ١٣٠٨ هجريّة (١٨٩١م) في الهند كما أنّ المقتطفات الواردة من الصّفحة ٨٩ حتّى الصّفحة ١٠٤ والّتي نقلت من الكتاب الأقدس طبعت أيضاً لأوّل مرّة في عام ١٣٠٨ هجريّة، وأمّا لوح عالي باشا الفارسيّ المدرج في الصّفحة ٧٣ حتّى الصّفحة ٨٧ طبع لأوّل مرّة عام ١٣١٠ هجريّة بخطّ الخطّاط المشهور جناب مشكين قلم عليه رضوان الله وبهاؤه ضمن مجموعة من الألواح المباركة باسم "اقتدرات".


ولعلّ أوّل من نشر سورة الملوك مطبوعة هو المستشرق الرّوسيّ بارون فيكتور روزين، وذلك ضمن مجموعة من الألواح المباركة تحت عنوان "المجموع الأوّل من رسائل الشّيخ البابيّ بهاء الله" وذلك في عام ١٩٠٨ بمدينة بطرسبورغ.


ثمّ طبعت طبعات أخرى من كلّ لوح لسنا بصدد ذكرها في هذا المقال ولكن هذه المجموعة بهذه الصّورة طبعت لأوّل مرّة في عام ١٢٤ بديع الموافق لسنة ١٩٦٧ بواسطة دار النّشر البهائيّة في طهران والآن يعاد طبعها ثانية إلا أنّ اللّوح الموجّه إلى البابا المنشور في تلك المجموعة لم يدرج في هذه الطّبعة وترك نشره لمجموعة أخرى خاصّة للألواح الّتي وجّهها حضرة بهاء الله إلى رؤساء الدّين.


وممّا تتميّز به هذه الطّبعة عن الأولى هو وضع التّرجمة العربيّة للقسم الفارسي من لوح ناصر الدّين شاه واللّوح الثّاني الموجّه إلى عالي باشا، وقد نقلت التّرجمة العربية للقسم الفارسي من لوح ناصر الدّين شاه من كتاب "مقالة سائح" طبع بيروت – مطبعة البيان عام (١٩٦٧)، غير أنّ التّرجمة قورنت بالنّصّ ثانية قبل طبعها بواسطة لجنة مختصّة. وأمّا ترجمة لوح عالي باشا فقد تمّت مؤخّراً بواسطة اللّجنة ذاتها.


وفي نقل النّصوص المباركة طيّ هذه المجموعة اعتمدت النّسخة الّتي خطّها الكاتب المرموق المؤتمَن جناب زين المقرّبين عليه رضوان الله وبهاؤه وذلك من الصّفحة ٧ حتّى الصّفحة ٧٢ ولقد ذيَّل النّاسخ الشّهير بخطّ يده في نهاية المجموعة ما يلي:


فرغ من كتابته كاتبه المسكين حرف الزّآء في يوم العدال يوم العظمة من شهر الكمال من سنة الواحد من الواحد الثّاني من ظهور نقطة البيان روح ما سواه فداه مطابقاً للثّامن من شهر رمضان من شهور سنة ۱٢٩٨ ثمان وتسعين ومائتين بعد الألف من الهجرة النّبويّة على مهاجرها ألف سلام وتحيّة وهذه هي النّسخة الحادية والعشر الّتي وفّقني الله لكتابتها بهذا التّرتيب والحمد لله حمداً يليق لجمال قدسه وينبغي لجلال كرمه بدوام نفسه المهيمنة على العالمين وكنت ذلك الحين في الحدباء وأسأله تعالى بأن يوفّقني لما يحبّ ويرضى ولا يدعني بنفسي طرفة عين أبداً.


وأمّا النّصوص المنقولة من الكتاب الأقدس نقلت من الطّبعة الأولى الّتي تمّت في الهند عام ١٣٠٨ هجريّة ولوح عالي باشا الفارسيّ نقل من مجموعة "اقتدرات" الّتي سبق ذكرها آنفاً.


وأمّا في طبع سورة الملوك فقد اعتمدت النّسخة الّتي نشرها المحفل الرّوحاني المركزي في باكستان عام ۱٩٦٣ والنّسخة الّتي نشرتها دار النّشر البهائيّة في طهران عام ١٩٦٧.



(۱) صدرت هذه الرّسالة من قلم حضرة شوقي أفندي وليّ أمر الله بتاريخ ٢٨ آذار ۱٩٤۱ باللّغة الإنجليزيّة ونشرت تحت عنوان: THE PROMISED DAY IS COME والمقتطف الوارد في هذا التّعريف مقتبس من الصّفحة ۱٨-۱٩ من طبعة عام ١٩٦٧ دار النّشر البهائيّة في الولايات المتّحدة. نقل هذه الرّسالة إلى العربيّة الدّكتور السّيّد محمّد العزّاوي عليه رضوان الله والتّرجمة لم تنشر حتّى تاريخ نشر هذا الكتاب.
(٢) وهو نفي حضرة بهاء الله من أدرنه إلى قلعة عكّا عام ۱٨٦٨.
(٣) التّرجمة العربيّة ﻟGOD PASSES BY والمقتطفات الموجودة في الصّفحة ۱٧٠-۱٧٢ من النّصّ الإنجليزي طبعة عام ۱٩٧٤ بواسطة دار النّشر البهائيّة في الولايات المتّحدة. نقل هذا الكتاب إلى العربيّة الدّكتور السّيّد محمّد العزّاوي عليه رضوان الله والتّرجمة لم تنشر حتّى تاريخ طبع هذا الكتاب.
(٤) يعني فترة سجن حضرة بهاء الله في عكّا.
(٥) منقول من كتاب GOD PASSES BY الصّفحة ٢٠٥-٢٠٦ ترجمة الدّكتور السّيّد محمّد العزّاوي.


%
تقدم القراءة
- / -