الدين البهائي
"لتكن رؤيتكم عالمية ..." -- حضرة بهاء الله
"لو رزقت قليلًا من زلال المعرفة الإلهيّة لعرفت بأنَّ الحياة الحقيقيّة هي حياة القلب لا حياةُ الجسد ..." -- حضرة بهاء الله
"إن دين الله ومذهب الله يهدف إلى حفظ واتحاد واتفاق العالم والمحبة والألفة بين اهل العالم." -- حضرة بهاء الله

من آثار حضرة بهاء الله الكتابية


لوح-البرهان – مجموعة من الواح حضرة بهاءالله (نزلت بعد كتاب الاقدس)، الصفحة ١٨١.


لوح البرهان


﴿ هُوَ الْمُقْتَدِرُ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾


قَدْ أَحَاطَتْ أَرْيَاحُ الْبَغْضَآءِ سَفِينَةَ الْبَطْحَآءِ بِمَا اكْتَسَبَتْ أَيْدِي الظَّالِمِينَ. يَا بَاقِرُ۱ قَدْ أَفْتَيْتَ عَلَى الَّذِينَ نَاحَ لَهُمْ كُتُبُ الْعَالَمِ وَشَهِدَ لَهُمْ دَفَاتِرُ الأَدْيَانِ كُلِّهَا وَإِنَّكَ يا أَيُّهَا الْبَعِيدُ فِي حِجَابٍ غَلِيظٍ. تَاللهِ قَدْ حَكَمْتَ عَلَى الَّذِينَ بِهِمْ لاَحَ أُفُقُ الإِيمَانِ يَشْهَدُ بِذَلِكَ مَطَالِعُ الْوَحْيِ وَمَظَاهِرُ أَمْرِ رَبِّكَ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ أَنْفَقُوا أَرْوَاحَهُمْ وَمَا عِنْدَهُمْ فِي سَبِيلِهِ الْمُسْتَقِيمِ. قَدْ صَاحَ مِنْ ظُلْمِكَ دِينُ اللهِ فِيمَا سِوَاهُ وَإِنَّكَ تَلْعَبُ وَتَكُونُ مِنَ الْفَرِحِينَ. لَيْسَ فِي قَلْبِي بُغْضُكَ وَلاَ بُغْضُ أَحَدٍ مِنَ الْعِبَادِ لأَنَّ الْعَالَمَ يَرَاكَ وَأَمْثَالَكَ فِي جَهْلٍ مُبِينٍ. إِنَّكَ لَوْ اطَّلَعْتَ عَلَى مَا فَعَلْتَ لأَلْقَيْتَ نَفْسَكَ فِي النَّارِ أَوْ خَرَجْتَ مِنَ الْبَيْتِ مُتَوَجِّهَاً إِلَى الْجِبَالِ وَنُحْتَ إِلَى أَنْ رَجَعْتَ إِلَى مَقَامٍ قُدِّرَ لَكَ مِنْ لَدُنْ مُقْتَدِرٍ قَدِيرٍ. يَا أَيُّهَا الْمَوْهُومُ اخْرِقْ حُجُبَاتِ الظُّنُونِ وَالأَوْهَامِ لِتَرى شَمْسَ الْعِلْمِ مُشْرِقَةً مِنْ هَذَا الأُفُقِ الْمُنِيرِ. قَدْ قَطَعْتَ بِضْعَةَ الرَّسُولِ وَظَنَنْتَ أَنَّكَ نَصَرْتَ اللهَ كَذَلِكَ سَوَّلَتْ لَكَ نَفْسُكَ وَأَنْتَ مِنَ الْغَافِلِينَ. قَدْ احْتَرَقَ مِنْ فِعْلِكَ قُلُوبُ الْمَلإِ الأَعْلَى وَالَّذِينَ طَافُوا حَوْلَ أَمْرِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. قَدْ ذَابَ كَبِدُ الْبَتُولِ مِنْ ظُلْمِكَ وَنَاحَ أَهْلُ الْفِرْدَوْسِ فِي مَقَامٍ كَرِيمٍ. أَنْصِفْ بِاللهِ بِأَيِّ بُرْهَانٍ اسْتَدَلَّ عُلَمآءُ الْيَهُودِ وَأَفْتَوْا بِهِ عَلَى الرُّوحِ إِذْ أَتَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ بِكِتَابٍ حَكَمَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ بِعَدْلٍ أَضَاءَ بِنُورِهِ ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَانْجَذَبَتْ قُلُوبُ الْعَارِفِينَ. وَإِنَّكَ اسْتَدْلَلْتَ الْيَوْمَ بِمَا اسْتَدَلَّ بِهِ عُلَمآءُ الْجَهْلِ فِي ذَاكَ الْعَصْرِ يَشْهَدُ بِذَلِكَ مَالِكُ مِصْرِ الْفَضْلِ فِي هَذَا السِّجْنِ الْعَظِيمِ. إِنَّكَ اقْتَدَيْتَ بِهِمْ بَلْ سَبَقْتَهُمْ فِي الظُّلْمِ وَظَنَنْتَ أَنَّكَ نَصَرْتَ الدِّينَ وَدَفَعْتَ عَنْ شَرِيعَةِ اللهِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ. وَنَفْسِهِ الْحَقِّ يَنُوحُ مِنْ ظُلْمِكَ النَّامُوسُ الأَكْبَرُ وَتَصِيحُ شَرِيعَةُ اللهِ الِّتِي بِهَا سَرَتْ نَسَماتُ الْعَدْلِ عَلَى مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ. هَلْ ظَنَنْتَ أَنَّكَ رَبِحْتَ فِيمَا أَفْتَيْتَ لا وَسُلْطَانِ الأَسْمآءِ يَشْهَدُ بِخُسْرَانِكَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ كُلِّ شَيْءٍ فِي لَوْحٍ حَفِيظٍ. قَدْ أَفْتَيْتَ عَلَى الِّذِي حِينَ إِفْتآئِكَ يَلْعَنُكَ قَلَمُكَ يَشْهَدُ بِذَلِكَ قَلَمُ اللهِ الأَعْلَى فِي مَقَامِهِ الْمَنِيعِ. يَا أَيُّهَا الْغَافِلُ إِنَّكَ مَا رَأَيْتَنِي وَمَا عَاشَرْتَ وَمَا آنَسْتَ مَعِي فِي أَقَلَّ مِنْ آنٍ فَكَيْفَ أَمَرْتَ النَّاسَ بِسَبِّي هَلْ اتَّبَعْتَ فِي ذَلِكَ هَوَاكَ أَوْ مَوْلاَكَ فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ أَنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبَذْتَ شَرِيعَةَ اللهِ وَرَآءَكَ وَأَخَذْتَ شَرِيعَةَ نَفْسِكَ إِنَّهُ لاَ يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ مِنْ شَيْءٍ إِنَّه هُوَ الْفَرْدُ الْخَبِيرُ. يَا أَيُّهَا الْغَافِلُ اسْمَعْ مَا أَنْزَلَهُ الرَّحْمَنُ فِي الْفُرْقَانِ [لاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنَاً]۲ كَذَلِكَ حَكَمَ مَنْ فِي قَبْضَتِهِ مَلَكُوتُ الأَمْرِ وَالْخَلْقِ إِنْ أَنْتَ مِنَ السَّامِعِينَ. إِنَّكَ نَبَذْتَ حُكْمَ اللهِ وَأَخَذْتَ حُكْمَ نَفْسِكَ فَوَيْلٌ لَكَ يَا أَيُّهَا الْغَافِلُ الْمُرِيبُ. إِنَّكَ لَوْ تُنْكِرُنِي بِأَيِّ بُرْهَانٍ يُثْبَتُ مَا عِنْدَكَ فَأْتِ بِهِ يَا أَيُّهَا الْمُشْرِكُ بِاللهِ وَالْمُعْرِضُ عَنْ سُلْطَانِهِ الَّذِي أَحَاطَ الْعَالَمِينَ. يَا أَيُّهَا الْجَاهِلُ اعْلَمْ أَنَّ الْعَالِمَ مَنِ اعْتَرَفَ بِظُهُورِي وَشَرِبَ مِنْ بَحْرِ عِلْمِي وَطارَ فِي هَوآءِ حُبِّي وَنَبَذَ مَا سِوآئِي وَأَخَذَ مَا نُزِّلَ مِنْ مَلَكُوتِ بَيَانِي الْبَدِيعِ. إِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَصَرِ لِلْبَشَرِ وَرُوحِ الْحَيَوَانِ لِجَسَدِ الإِمْكَانِ تَعَالَى الرَّحْمَنُ الَّذِي عَرَّفَهُ وَأَقَامَهُ عَلَى خِدْمَةِ أَمْرِهِ الْعَزِيزِ الْعَظِيمِ. يُصَلِّي عَلَيْهِ الْمَلأُ الأَعْلَى وَأَهْلُ سُرَادِقِ الْكِبْرَيآءِ وَالَّذِينَ شَرِبُوا رَحِيقِي الْمَخْتُومَ بِاسْمِي الْقَوِيِّ الْقَدِيرِ. يَا بَاقِرُ إِنَّكَ إِنْ تَكُ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْمَقَامِ الأَعْلَى فَأْتِ بِآيَةٍ مِنْ لَدَى اللهِ فَاطِرِ السَّمَاءِ وَإِنْ عَرَفْتَ عَجْزَ نَفْسِكَ خُذْ أَعِنَّةَ هَوَاكَ ثُمَّ ارْجِعْ إِلَى مَوْلاَكَ لَعَلَّ يُكَفِّرُ عَنْكَ سَيِّئَاتِكَ الَّتِي بِهَا احْتَرَقَتْ أَوْرَاقُ السِّدْرَةِ وَصَاحَتِ الصَّخْرَةُ وَبَكَتْ عُيُونُ الْعَارِفِينَ. بِكَ انْشَقَّ سِتْرُ الرُّبُوبِيَّةِ وَغَرِقَتْ السَّفِينَةُ وَعُقِرَتِ النَّاقَةُ وَنَاحَ الرُّوحُ فِي مَقَامٍ رَفِيعٍ. أَتَعْتَرِضُ عَلَى الَّذِي أَتَاكَ بِمَا عِنْدَكَ وَعِنْدَ أَهْلِ الْعَالَمِ مِنْ حُجَجِ اللهِ وَآيَاتِهِ افْتَحْ بَصَرَكَ لِتَرَى الْمَظْلُومَ مُشْرِقَاً مِنْ أُفُقِ إِرَادَةِ اللهِ الْمَلِكِ الْحَقِّ الْمُبِينِ. ثُمَّ افْتَحْ سَمْعَ فُؤَادِكَ لِتَسْمَعَ مَا تَنْطِقُ بِهِ السِّدْرَةُ الَّتِي ارْتَفَعَتْ بِالْحَقِّ مِنْ لَدَى اللهِ الْعَزِيزِ الْجَمِيلِ. إِنَّ السِّدْرَةَ مَعَ مَا وَرَدَ عَلَيْهَا مِنْ ظُلْمِكَ وَاعْتِسَافِ أَمْثَالِكَ تُنَادِي بِأَعْلَى النِّدآءِ وَتَدْعُو الْكُلَّ إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى۳ وَالأُفُقِ الأَعْلَى طُوبَى لِنَفْسٍ رَأَتِ الآيَةَ الْكُبْرَى وَلأُذُنٍ سَمِعَتْ نِدَاءَهَا الأَحْلَى وَوَيْلٌ لِكُلِّ مُعْرِضِ أَثِيمٍ. يَا أَيُّهَا الْمُعْرِضُ بِاللهِ لَوْ تَرَى السِّدْرَةَ بِعَيْنِ الإِنْصَافِ لَتَرَى آثَارَ سُيُوفِكَ فِي أَفْنَانِهَا وَأَغْصَانِهَا وَأَوْرَاقِهَا بَعْدَمَا خَلَقَكَ اللهُ لِعِرْفَانِهَا وَخِدْمَتِهَا تَفَكَّرْ لَعَلَّ تَطَّلِعُ بِظُلْمِكَ وَتَكُونُ مِنَ التَّائِبِينَ. أَظَنَنْتَ أَنَّا نخَافُ مِنْ ظُلْمِكَ فَاعْلَمْ ثُمَّ أَيْقِنْ إِنَّا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ فِيهِ ارْتَفَعَ صَرِيرُ الْقَلَمِ الأَعْلَى بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ أَنْفَقْنَا أَرْوَاحَنَا وَأَجْسَادَنَا وَأَبْنآءَنَا وَأَمْوَالَنَا فِي سَبِيلِ اللهِ الْعَلِيِّ الْعظِيمِ. وَنَفْتَخِرُ بِذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ الإِنْشآءِ وَالْمَلإِ الأَعْلَى يَشْهَدُ بِذَلِكَ مَا وَرَدَ عَلَيْنَا فِي هَذَا الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ. تَاللهِ قَدْ ذَابَتِ الأَكْبَادُ وَصُلِبَتِ الأَجْسَادُ وَسُفِكَتِ الدِّمآءُ وَالأَبْصَارُ كَانَتْ نَاظِرَةً إِلَى أُفُقِ عِنَايَةِ رَبِّهَا الشَّاهِدِ الْبَصِيرِ. كُلَّمَا زَادَ الْبَلاَءُ زَادَ أَهْلُ الْبَهآءِ فِي حُبِّهِمْ قَدْ شَهِدَ بِصِدْقِهِمْ مَا أَنْزَلَهُ الرَّحْمَنُ فِي الْفُرْقَانِ بِقَوْلِهِ: [فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ]٤. هَلِ الَّذِي حَفِظَ نَفْسَهُ خَلْفَ الأَحْجَابِ خَيْرٌ أَمِ الَّذِي أَنْفَقَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ أَنْصِفْ وَلاَ تَكُنْ فِي تِيهِ الْكَذِبِ لَمِنَ الْهآئِمِينَ. قَدْ أَخَذَهُمْ كَوْثَرُ مَحَبَّةِ الرَّحْمَنِ عَلَى شَأْنٍ مَا مَنَعَتْهُمْ مَدَافِعُ الْعَالَمِ وَلاَ سُيُوفُ الأُمَمِ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَى بَحْرِ عَطَآءِ رَبِّهِمْ الْمُعْطِي الْكَرِيمِ. تَاللهِ مَا أَعْجَزَنِي الْبَلآءُ وَمَا أَضْعَفَنِي إِعْرَاضُ الْعُلَمآءِ نَطَقْتُ وَأَنْطِقُ أَمَامَ الْوُجُوهِ قَدْ فُتِحَ بَابُ الْفَضْلِ وَأَتَى مَطْلِعُ الْعَدْلِ بِآيَاتٍ وَاضِحَاتٍ وَحُجَجٍ بَاهِرَاتٍ مِنْ لَدَى اللهِ الْمُقْتَدِرِ الْقَدِيرِ. احْضَرْ بَيْنَ يَدِي الْوَجْهِ لِتَسْمَعَ أَسْرَارَ مَا سَمِعَهُ ابْنُ عِمْرَانَ فِي طُورِ الْعِرْفَانِ كَذَلِكَ يَأْمُرُكَ مَشْرِقُ ظُهُورِ رَبِّكَ الرَّحْمَنِ مِنْ شطْرِ سِجْنِهِ الْعَظِيمِ. أَغَرَّتْكَ الرِّيَاسَةُ اقْرَءْ مَا أَنْزَلَهُ اللهُ لِلرَّئِيسِ الأَعْظَمِ مَلِكِ الرُّومِ٥ الَّذِي حَبَسَنِي فِي هَذَا الْحِصْنِ الْمَتِينِ لِتَطَّلِعَ بِمَا عِنْدَ الْمَظْلُومِ مِنْ لَدَى اللهِ الْوَاحِدِ الْفَرْدِ الْخَبِيرِ. أَتَفْرَحُ بِمَا تَرَى هَمَجَ الأَرْضِ وَرآءَكَ إِنَّهُمْ اتَّبَعُوكَ كَمَا اتَّبَعَ قَوْمٌ قَبْلَهُمْ مَنْ سُمِّيَ بِحَنَّانَ الَّذِي أَفْتَى عَلَى الرُّوحِ مِنْ دُونِ بَيِّنَةٍ وَلاَ كِتَابٍ مُنِيرٍ. اقْرَءْ كِتَابَ الإِيقَانِ وَمَا أَنْزَلَهُ الرَّحْمَنُ لِمَلِكِ بَارِيسَ٦ وَأَمْثَالِهِ لِتَطَّلِعَ بِمَا قُضِيَ مِنْ قَبْلُ وَتُوقِنَ بِأَنَّا مَا أَرَدْنَا الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا إِنَّمَا نُذَكِّرُ الْعِبَادَ خَالِصَاً لِوَجْهِ اللهِ مَنْ شآءَ فَلْيُقْبِلْ وَمَنْ شآءَ فَلْيُعْرِضْ إِنَّ رَبَّنَا الرَّحْمَنَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ. يَا مَعْشَرَ الْعُلَمآءِ هَذَا يَوْمٌ لاَ يَنْفَعُكُمْ شَيْءٌ مِنَ الأَشْيآءِ وَلاَ اسْمٌ مِنَ الأَسْمآءِ إِلاَّ بِهَذَا الاسْمِ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ مَظْهَرَ أَمْرِهِ وَمَطْلِعَ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى لِمَنْ فِي مَلَكُوتِ الإِنْشَاءِ نَعِيمَاً لِمَنْ وَجَدَ عَرْفَ الرَّحْمَنِ وَكَانَ مِنَ الرَّاسِخِينَ. وَلاَ يُغْنِيكُمُ الْيَوْمَ عُلُومُكُمْ وَفُنُونُكُمْ وَلاَ زَخَارِفُكُمْ وَعِزُّكُمْ دَعُوا الْكُلَّ وَرَآءَكُمْ مُقْبِلِينَ إِلَى الْكَلِمَةِ الْعُلْيَا الَّتِي بِهَا فُصِّلَتِ الزُّبُرُ وَالصُّحُفُ وَهَذَا الْكِتَابُ الْمُبِينُ. يَا مَعْشَرَ الْعُلَمآءِ ضَعُوا مَا أَلَّفْتُمُوهُ مِنْ قَلَمِ الظُّنُونِ وَالأَوْهَامِ تَاللهِ قَدْ أَشْرَقَتْ شَمْسُ الْعِلْمِ مِنْ أُفُقِ الْيَقِينِ. يَا بَاقِرُ انْظُرْ ثُمَّ اذْكُرْ مَا نَطَقَ بِهِ مُؤْمِنُ آلِكَ مِنْ قَبْلُ [أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبَاً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقَاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ]۷. يَا أَيُّهَا الْغَافِلُ إِنْ كُنْتَ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَحْنُ عَلَيْهِ إِنَّا نَشْهَدُ بِمَا شَهِدَ اللهُ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْوَهَّابُ. وَنَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ وَاحِدَاً فِي ذَاتِهِ وَوَاحِدَاً فِي صِفَاتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شِبْهٌ فِي الإِبْدَاعِ وَلاَ شَرِيكٌ فِي الاخْتِرَاعِ قَدْ أَرْسَلَ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ لِيُبَشِّرُوا الْخَلْقَ إِلَى سِوَاءِ الصِّرآطِ. هَلِ السُّلْطَانُ اطَّلَعَ وَغَضَّ الطَّرْفَ عَنْ فِعْلِكَ أَمْ أخَذَهُ الرُّعْبُ بِمَا عَوَتْ شِرْذِمَةٌ مِنَ الذِّئَابِ الِّذِينَ نَبَذُوا صِرَاطَ اللهِ وَرآءَهُمْ وَأَخَذُوا سَبِيلَكَ مِنْ دُونِ بَيِّنَةٍ وَلاَ كِتَابٍ. إِنَّا سَمِعْنَا بِأَنَّ مَمَالِكَ الإِيرَانَ تَزَيَّنَتْ بِطِرَازِ الْعَدْلِ فَلَمَّا تَفَرَّسْنَا وَجَدْنَاهَا مَطَالِعَ الظُّلْمِ وَمَشَارِقَ الاعْتِسَافِ. إِنَّا نَرَى الْعَدْلَ تَحْتَ مَخَالِبِ الظُّلْمِ نَسْئَلُ اللهَ بِأَنْ يُخَلِّصَهُ بِقُوَّةٍ مِنْ عِنْدِهِ وَسُلْطانٍ مِنْ لَدُنْهُ إِنَّهُ لَهُوَ الْمُهَيْمِنُ عَلَى مَنْ فِي الأَرَضِينَ وَالسَّمَواتِ. لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى نَفْسٍ فِيمَا وَرَدَ عَلَى أَمْرِ اللهِ يَنْبَغِي لِكُلِّ مَنْ تَوَجَّهَ إِلَى الأُفُقِ الأَعْلَى أَنْ يَتَمَسَّكَ بِحَبْلِ الاصْطِبَارِ وَيَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ الْمُهَيْمِنِ الْمُخْتَارِ. يَا أَحِبَّآءَ اللهِ اشْرَبُوا مِنْ عَيْنِ الْحِكْمَةِ وَسِيرُوا فِي رِياضِ الحِكْمَةِ وَطِيرُوا فِي هَوآءِ الحِكْمَةِ وَتَكَلَّمُوا بِالْحِكْمَةِ وَالْبَيَانِ كَذَلِكَ يَأْمُرُكُمْ رَبُّكُمْ الْعَزِيزُ الْعَلاَّمُ. يَا بَاقِرُ لاَ تَطْمَئِنْ بِعِزِّكَ وَاقْتِدَارِكَ مَثَلُكَ كَمَثَلِ بَقِيَّةِ أَثَرِ الشَّمْسِ عَلَى رُؤُوسِ الْجِبَالِ سَوْفَ يُدْرِكُهَا الزَّوَالُ مِنْ لَدَى اللهِ الْغَنِيِّ الْمُتَعَالِ. قَدْ أُخِذَ عِزُّكَ وَعِزُّ أَمْثَالِكَ وَهَذَا مَا حَكَمَ بِهِ مَنْ عِنْدَهُ أُمُّ الأَلْوَاحِ. أَيْنَ مَنْ حَارَبَ اللهَ وَأَيْنَ مَنْ جَادَلَ بِآيَاتِهِ وَأَيْنَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ سُلْطَانِهِ وَأَيْنَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْفِيآءَهُ وَسَفَكُوا دِمآءَ أَوْلِيَائِهِ تَفَكَّرْ لَعَلَّ تَجِدُ نَفَحَاتِ أَعْمَالِكَ يَا أَيُّهَا الْجَاهِلُ الْمُرْتَابُ. بِكُمْ نَاحَ الرَّسُولُ وَصَاحَتِ الْبَتُولُ وَخَرِبَتِ الدِّيَارُ وَأَخَذَتِ الظُّلْمَةُ كُلَّ الأَقْطَارِ. يَا مَعْشَرَ الْعُلَمآءِ بِكُمُ انْحَطَّ شَأْنُ الْمِلَّةِ وَنُكِسَ عَلَمُ الإِسْلاَمِ وَثُلَّ عَرْشُهُ الْعَظِيمُ. كُلَّمَا أَرَادَ مُمَيِّزٌ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِمَا يَرْتَفِعُ بِهِ شَأْنُ الإِسْلاَمِ ارْتَفَعَتْ ضَوْضَآؤُكُمْ بِذَلِكَ مُنِعَ عَمَّا أَرَادَ وَبَقِيَ الْمُلْكُ فِي خُسْرَانٍ كَبِيرٍ. فَانْظُرُوا فِي مَلِكِ الرُّومِ إِنَّهُ مَا أَرَادَ الْحَرْبَ وَلَكِنْ أَرَادَهَا أَمْثَالُكُمْ فَلَمَّا اشْتَعَلَتْ نَارُهَا وَارْتَفَعَ لَهِيبُهَا ضَعُفَتِ الدَّوْلَةُ وَالْمِلَّةُ يَشْهَدُ بِذَلِكَ كُلُّ مُنْصِفٍ بَصِيرٍ. وَزَادَتْ وَيْلاَتُهَا إِلَى أَنْ أَخَذَ الدُّخَانُ أَرْضَ السِّرِّ وَمَنْ حَوْلَهَا لِيَظْهَرَ مَا أَنْزَلَهُ اللهُ فِي لَوْحِ الرِّئِيسِ٨ كَذَلِكَ قُضِيَ الأَمْرُ فِي الْكِتَابِ مِنْ لَدَى اللهِ الْمُهَيْمِنِ الْقَيُّومِ. إِنَّا للهِ وَإِنَّا إَلَيْهِ رَاجِعُونَ.


يَا قَلَمَ الأَعْلَى دَعْ ذِكْرَ الذِّئْبِ وَاذْكُرِ الرَّقْشَاءَ٩ الَّتِي بِظُلْمِهَا نَاحَتِ الأَشْيآءُ وَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُ الأَوْلِيآءِ كَذَلِكَ يَأْمُرُكَ مَالِكُ الأَسْمآءِ فِي هَذَا الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ. قَدْ صَاحَتْ مِنْ ظُلْمِكَ الْبَتُولُ وَتَظُنُّ أَنَّكَ مِنْ آلِ الرَّسُولِ كَذَلِكَ سَوَّلَتْ لَكَ نَفْسُكِ يَا أَيُّهَا الْمُعْرِضُ عَنِ اللهِ رَبِّ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ. أَنْصِفِي يَا أَيَّتُهَا الرَّقْشآءُ بِأَيِّ جُرْمٍ لَدَغْتِ أَبْنآءَ الرَّسُولِ۱۰ وَنَهَبْتِ أَمْوَالَهُمْ أَكَفَرْتِ بِالَّذِي خَلَقَكِ بِأَمْرِهِ كُنْ فَيَكُونُ. قَدْ فَعَلْتِ بَأَبْنآءِ الرَّسُولِ مَا لاَ فَعَلَتْ عَادٌ وَثُمودُ بِصَالِحٍ وَهُوُدٍ وَلاَ الْيَهُودُ بِرُوحِ اللهِ مَالِكِ الْوُجُودِ. أَتُنْكِرُ آيَاتِ رَبِّكَ الَّتِي إِذْ نُزِّلَتْ مِنْ سَمآءِ الأَمْرِ خَضَعَتْ لَهَا كُتُبُ الْعَالَمِ كُلُّهَا تَفَكَّرْ لِتَطَّلِعَ بِفِعْلِكَ يَا أَيُّهَا الْغَافِلُ الْمَرْدُودُ. سَوْفَ تَأْخُذُكَ نَفَحَاتُ الْعَذَابِ كَمَا أَخَذَتْ قَوْمَاً قَبْلَكَ انْتَظِرْ يَا أَيُّهَا الْمُشْرِكُ بِاللهِ مَالِكِ الْغَيْبِ وَالشُّهُودِ. هَذَا يَوْمٌ أَخْبَرَ بِهِ اللهُ بِلِسَانِ رَسُولِهِ تَفَكَّرْ لِتَعْرِفَ مَا أَنْزَلَهُ الرَّحْمَنُ فِي الْفُرْقَانِ وَفِي هَذَا اللَّوْحِ الْمَسْطُورِ. هَذَا يَوْمٌ فِيهِ أَتَى مَشْرِقُ الْوَحْيِ بِآيَاتٍ بَيِّنَاتٍ عَجَزَ عَنْ إِحْصَائِهَا الْمُحْصُونُ. هَذَا يَوْمٌ فِيهِ وَجَدَ كُلُّ ذِي شَمٍّ عَرْفَ نَسْمَةِ الرَّحْمنِ فِي الإِمْكَانِ وَسَرُعَ كُلُّ ذِي بَصَرٍ إِلَى فُرَاتِ رَحْمَةِ رَبِّهِ مَالِكِ الْمُلُوكِ. يَا أَيُّهَا الْغَافِلُ تَاللهِ قَدْ رَجَعَ حَدِيثُ الذِّبْحِ وَالذَّبِيحُ تَوَجَّهَ إِلَى مَقَرِّ الْفِدآءِ وَمَا رَجَعَ بِمَا اكْتَسَبَتْ يَدُكَ يا أَيُّهَا الْمُبْغِضُ الْعَنُودُ. أَظَنَنْتَ بِالشَّهَادَةِ يَنَحَطُّ شَأْنُ الأَمْرِ لاَ وَالَّذِي جَعَلَهُ اللهُ مَهْبِطَ الْوَحْيِ إِنْ أَنْتَ مِنَ الَّذِينَهُمْ يَفْقَهُونَ. وَيْلٌ لَكَ يَا أَيُّهَا الْمُشْرِكُ بِاللهِ وَلِلَّذِينَ اتَّخَذُوكَ إِمَامَاً لأَنْفُسِهِمْ مِنْ دُونِ بَيِّنَةٍ وَلاَ كِتَابٍ مَشْهُودٍ. كَمْ مِنْ ظَالِمٍ قَامَ عَلَى إِطْفآءِ نُورِ اللهِ قَبْلَكَ وَكَمْ مِنْ فَاجِرٍ قَتَلَ وَنَهَبَ إِلَى أَنْ نَاحَتْ مِنْ ظُلْمِهِ الأَفْئِدَةُ وَالنُّفُوسُ. قَدْ غَابَتْ شَمْسُ الْعَدْلِ بِمَا اسْتَوَى هَيْكَلُ الظُّلْمِ عَلَى أَرِيكَةِ الْبَغْضآءِ وَلَكِنَّ الْقَوْمَ هُمْ لاَ يَشْعُرُونَ. قَدْ قُتِلَ أَبْنآءُ الرَّسُولِ وَنُهِبَ أَمْوَالُهُمْ قُلْ هَلِ الأَمْوَالُ كَفَرَتْ بِاللهِ أَمْ مَالِكُهَا عَلَى زَعْمِكَ أَنْصِفْ يَا أَيُّهَا الْجَاهِلُ الْمَحْجُوبُ. قَدْ أَخَذْتَ الاعْتِسَافَ وَنَبَذْتَ الإِنْصَافَ بِذَلِكَ نَاحَتِ الأَشْيآءُ وَأَنْتَ مِنَ الْغَافِلِينَ. قَدْ قَتَلْتَ الْكَبِيرَ وَنَهَبْتَ الصَّغِيرَ هَلْ تَظُنُّ أَنَّكَ تَأْكُلُ مَا جَمَعْتَهُ بِالظُّلْمِ لاَ وَنَفْسِي كَذَلِكَ يُخْبِرُكَ الْخَبِيرُ. تَاللهِ لاَ يُغْنِيكَ مَا عِنْدَكَ وَمَا جَمَعْتَهُ بِالاعْتِسَافِ يَشْهَدُ بِذَلِكَ رَبُّكَ الْعَلِيمُ. قَدْ قُمْتَ عَلَى إِطْفآءِ نُورِ الأَمْرِ سَوْفَ تَنْخَمِدُ نَارُكَ أَمْرَاً مِنْ عِنْدِهِ إِنَّهُ هُوَ الْمُقْتَدِرُ الْقَدِيرُ. لا تَعْجِزُهُ شُئُونَاتُ الْعَالَمِ وَلاَ سَطْوَةُ الأُمَمِ يَفْعَلُ مَا يَشآءُ بِسُلْطَانِهِ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ. تَفَكَّرْ فِي النَّاقَةِ مَعَ أَنَّهَا مِنَ الْحَيَوَانِ رَفَعَهَا الرَّحْمَنُ إِلَى مَقَامٍ نَطَقَ أَلْسُنُ الْعَالَمِ بِذِكْرِهَا وَثَنآئِهَا إِنَّهُ لَهُوَ الْمُهَيْمِنُ عَلَى مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْعَظِيمُ. كَذَلِكَ زَيَّنَّا آفَاقَ سَمَاءِ اللَّوْحِ بِشُمُوسِ الْكَلِمَاتِ نَعِيمَاً لِمَنْ فَازَ بِهَا وَاسْتَضآءَ بِأَنْوَارِهَا وَوَيْلٌ لِلْمُعْرِضِينَ وَوَيْلٌ لِلْمُنْكِرِينَ وَوَيْلٌ لِلْغَافِلِينَ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.



%
تقدم القراءة
- / -