الدين البهائي
"لتكن رؤيتكم عالمية ..." -- حضرة بهاء الله
"لو رزقت قليلًا من زلال المعرفة الإلهيّة لعرفت بأنَّ الحياة الحقيقيّة هي حياة القلب لا حياةُ الجسد ..." -- حضرة بهاء الله
"إن دين الله ومذهب الله يهدف إلى حفظ واتحاد واتفاق العالم والمحبة والألفة بين اهل العالم." -- حضرة بهاء الله

العظمة التي يمكن أن تكون لهنّ: الطفلة شأن يشغل البال

بيان الجامعة البهائيّة العالميّة تمّ تقديمه تحت عنوان "المرأة في التنمية" للهيئة التنفيذيّة لصندوق الأطفال في الأمم المتحدة (اليونيسف).


نيويورك - الولايات المتحدة

٢٢ ابريل ١٩٩١م


"علينا أن نعترف بأن قدرتها مساوية، بل أنها تفوق قدرة الرجال، هذا ما سيلهمها الأمل والطموح، ويجعل قابليتها للتقدم متزايدة باستمرار." - عبدالبهاء


ترحّب الجامعة البهائيّة العالميّة بجهود اليونيسيف لتركيز الانتباه على الوضع المتأزّم للطفلة الفتاة. ومنذ أن تقرر إعطاء الأولوية للطفلة الفتاة في العام الماضي، ساهمت اليونيسيف بشكل كبير في زيادة الوعي العالمي لتأثير التمييز الجنسي على الملايين من الأطفال الفتيات. وبدعم اليونيسيف المادي للأبحاث وتشجيع إزالة التفرقة في تحليل البيانات ونشر المعلومات، وبالمطالبة بأن تكون برامج اليونيسيف ملائمة لاحتياجات الفتيات، بدأت اليونيسيف بعملية تستحقّ الدّعم الكامل والمستمرّ.


إنّ الجامعة البهائيّة العالميّة ترى، أنّ تقدّم الحضارة الآن يتطلب مشاركة كاملة من الجميع بمن فيهم النّساء. وليتمّ ذلك، على العائلات والمجتمعات أن تقدّر مكانة الأطفال الفتيات والفتيان على حدّ سواء. وإننا نشارك اليونيسيف قلقها حيال موضوع الإهمال الصارخ تجاه الطفلة الفتاة، والذي يُبَرَّر في أنحاء عديدة من العالم على أنه جزء من التّراث الثّقافي. ونحن نتّفق مع التّوصية التي وُضِعَت في التّقرير المرحليّ عن الإنجازات التي تحقّقت في تطبيق سياسة اليونيسيف على المرأة في التّنمية (E/ICEF/1991/L.5)، بأن توسّع اليونيسيف في إتجاهها نحو الرّعاية الصحّية للأمومة لتشمل الجهد لتغيير أو تعديل العوامل المؤثّرة على صحّة الفتيات والنّساء قبل مرحلة الحمل والأمومة، بما في ذلك العادات والممارسات التقليديّة الضارة.


ليس من الواجب حصول الأطفال الفتيات على طعام ورعاية صحيّة وتعليم كافٍ فحسب، بل يجب منحهنّ كلّ فرصة لتنمية قدراتهنّ. فلن تقدّم الفتيات خدمة للإنسانية كأمّهات ومعلّمات أوائل للأجيال القادمة فقط بل ولكونهنّ نساء سيُقَدّمن مساهمات خاصة لخلق نظام عالميّ تسوده العدالة والحيويّة والتّعاون والتّناغم، ودرجة من الشّفقة لم يشهد التاريخ مثلها من قبل. تستطيع الأمهات الآن أن تصبحن العامل الأول لدفع الأفراد نحو تغيير المجتمع. وهنّ ينفردن فى القدرة على غرس الشعور بعزّة النّفس واحترام الآخرين في أطفالهن وهي الصفات الضرورية لتقدّم الحضارة. لذلك فإنّه من الواضح أن مكانة الأمّهات، التي تُهان بشكل متزايد في الكثير من المجتمعات، هي في الحقيقة أمر في غاية الأهمية والتقدير.


على النساء والفتيات أن يحصلن على التعليم - الرّوحانيّ والعاطفيّ والفكريّ- لأنّ الأم لا تستطيع أن تعطي ما لا تملك. الطفل يحتاج في السّنين الأولى من حياته إلى بيئة راعية وتوجيه حكيم من أجل تطوير شخصية سليمة وفكر مدرّب جيداً. فإذا كانت الأم غير قادرة، بسبب عدم كفاءتها، أن تُزَوِّد أطفالها بالخبرات والتجارب التي ستؤهلهم لاحقاً، للدراسة المدرسية الرسميّة، سيجدون أنفسهم في خسارة فادحة معوّقة فى أحيان كثيرة مسار تقدّمهم. ومع ذلك يجب التأكيد، على أنّ هذه المسؤوليّة المزدوجة في تطوير شخصيّة الطفل وتحريك وتحفيز تفكيره تقع على عاتق الأسرة ككل، بما في ذلك الأب والأجداد، بل والمجتمع أيضاً. وكما أشارت الدكتورة آيدوو Aidoo في بيانها أمام مفوضية مكانة المرأة عام ١٩٩١، بأنّ "محيط العائلة يوفر فرصاً فريدة للأطفال الذكور والرجال ليشاركوا في تغيير مقام الطّفلة الفتاة والمرأة". فإن المنظّمات غير الحكومية تستطيع أيضًا أن تقدّم مساهمة كبيرة جدًا في تركيز الانتباه على دور الطّفلة الفتاة من خلال نشاطاتها في الجامعات المحليّة.


بما أنّ الجنسين متساويان في القدرات الذهنيّة وفي إمكاناتهما لخدمة البشريّة، لذا يجب على الفتيات والفتيان أن يدرسوا المنهاج نفسه. كما يجب فتح المجال للنّساء والفتيات للدخول في جميع المجالات الإنسانية، بما فى ذلك الفنون والعلوم والزراعة والتّجارة والصناعة وشؤون الدولة. ليس هناك حدود طبيعية لقدرات المرأة.


يقع العالم حالياً في مدار خطأ التعليم يتم فيه نقل الصّفات الشخصيّة السّيئة من جيل لآخر، ممّا يسبّب التأخّر في التطوّر الاجتماعيّ. وأحد مصادر هذا الخطأ في عملية التّعليم هو الفشل في احترام النساء، حتى في المنزل. إن إنكار المساواة بين الجنسين يُبقي على الظلم الحاصل ضدّ نصف سكّان العالم ويعزّز لدى الرجال العادات السّيئة، والتي تنتقل من العائلة إلى مكان العمل، وإلى الحياة السياسيّة وفي النّهاية إلى العلاقات الدوليّة. إن العالم لا يستطيع تحمّل عواقب مثل هذا النوع من الجهل والظلم، خصوصًا في هذه اللحظة الحرجة التي تبدو فيها بوادر تأسيس السّلام على هذا الكوكب مضيئة.


تستحقّ قضية التّعليم للجميع أكبر دعم ممكن من حكومات العالم. حيث أنّ ممّا لا جدال فيه أنّ الجهل هو السبب الأساسي لانحدار وسقوط الشعوب ومواصلة التّعصبات. ولا يمكن لأمّة أن تحقق النجاح إلاّ إذا شمل التعليم جميع سكانها. إنّ قلة الموارد تحدّ من قدرة العديد من الأمم على تلبية هذه الحاجة، مما يفرض ترتيبًا معيناً للأولويّات. إنّ إعطاء الأولويّة لتعليم النّساء والفتيات من قبل الوكالات صانعة القرارات لهو أمر ممدوح، لأنّه ومن خلال الأمهات المتعلّمات يمكن لفوائد المعرفة أن تنتشر بشكل فعّال وسريع في المجتمع.


تهنئ الجامعة العالمية البهائية اليونيسيف لمبادرتها هذه، وتحث الهيئة التنفيذيّة في اليونيسيف على متابعة تركيزها الهام على احتياجات الطفلة الفتاة.


النص الإنجليزي:

The Greatness Which Might Be Theirs: The Girl Child -- A Critical Concern
BIC Document #95-0826.8
Category: Advancement of Women


%
تقدم القراءة
- / -