الدين البهائي
"لتكن رؤيتكم عالمية ..." -- حضرة بهاء الله
"لو رزقت قليلًا من زلال المعرفة الإلهيّة لعرفت بأنَّ الحياة الحقيقيّة هي حياة القلب لا حياةُ الجسد ..." -- حضرة بهاء الله
"إن دين الله ومذهب الله يهدف إلى حفظ واتحاد واتفاق العالم والمحبة والألفة بين اهل العالم." -- حضرة بهاء الله

الأقانيم الثّلاثة


السّؤال: ما المقصود من الثّالوث والأقانيمِ الثّلاثة؟


الجواب: إنّ حقيقة الألوهيّة المقدّسة عن أن تدركها الكائنات، المنزّهة عن أن يتصوّرها ذوو العقول والأفهام، هذه الحقيقة الرّبانية لا تقبل التّقسيم، لأنّ التّقسيم والتّعدّد من خصائص الخليقة الممكنة الوجود وليس من العوارض الطّارئة على واجب الوجود، إنّ الذّات الإلهيّة مقدّسةٌ عن التوحيد فما بالك بالتّعدّد، والحقيقة الرّبانيّة لهي أسمى من أن يتصوّر لها مقام أو مرتبة لأنّ ذلك عين النّقص ومنافٍ للكمال، وأمر ممتنع ومحال، لأنّها ما زالت ولا تزال في علوّ التّقديس والتّنزيه، وكلّ ما يذكر من الظّهور والإشراق الإلهيّ فالمقصود منه هو التّجلّي الإلهيّ لا التّنزّل في مراتب الوجود. فالحقّ كمال محض والخلق نقصان صرف وتنزّل الحقّ في مراتب الوجود لهو عين النّقص، ولكنّ ظهوره وإشراقه كتجلّي الشّمس على المرآة الصّافية اللّطيفة الشّفافة، فجميع ما في الكون آيات باهرات للحقّ كالكائنات الأرضيّة التّي سطعت عليها أشعّة الشّمس ولكنّها تلقي هذه الأشعّة على الصّحارى والجبال والأشجار والأثمار على قدر تظهر وتتربّى وتصل إلى الغاية المقصودة من وجودها.


وأمّا الإنسان الكامل فهو كالمرآة الصّافية التّي ظهرت وبرزت فيها شمس الحقيقة بجميع صفاتها وكمالاتها، لهذا كانت الحقيقة المسيحيّة كالمرآة الصّافية الشّفافة في نهاية اللّطافة والطّهارة، فتجلّت شمس الحقيقة والذّات الإلهيّة في تلك المرآة وظهرت فيها حرارتها ونورانيّتها.


أمّا الشّمس فما تنزّلت من علوّ تقديسها وسماء تنزيهها وما اتّخذت في المرآة منزلاً ولا مأوى، بل هي باقية مستقرّة في علوّها وسموّها ولكنّها ظهرت وتجلّت في المرآة بجمالها وكمالها، ولو نقول الآن أنّنا شاهدنا الشّمس في مرآتين إحداهما المسيح والأخرى روح القدس يعني شاهدنا شموساً ثلاثة إحداها في السّماء واثنتان في الأرض لكنّا صادقين، ولو نقول أنّها شمس واحدة وفي فردانيّة محضة ليس لها شريك ولا مثيل لكنّا أيضاً صادقين، وخلاصة القول أنّ الحقيقة المسيحيّة كانت مرآة صافية، وأنّ شمس الحقيقة يعني ذات الأحديّة ظهرت وتجلّت في تلك المرآة بكمالات وصفات غير متناهية لا أنّ الشّمس التّي هي ذات الرّبوبيّة تجَزّأت وتعدّدت بل الشّمس شمس واحدة ولكنّها أشرقت في المرآة وهذا معنى ما يقوله المسيح "الأب في الابن" يعني أنّ تلك الشّمس ظاهرة باهرة في هذه المرآة، فروح القدس هو نفس الفيض الإلهيّ الّذي ظهر وتجلّى في حقيقة المسيح، فالبنوّة مقام قلب المسيح وروح القدس مقام روح المسيح. إذاً ثبت وتحقّق بأنّ الذّات الإلهيّة وحدة محضة ليس لها شبيه ولا مثيل ولا نظير، وهذا هو المقصود من الأقانيم الثّلاثة، وإلاّ فأساس دين اللّه يكون مبنيّاً على مسألة غير معقولة لا يمكن تصوّرها، وكيف تكلّف العقول باعتقاد ما لا يمكن تصوّره، والحال أنّ ما ليس له صورة معقولة ولا يسع العقل أن يتصوّره فهو وهم صرف، فقد ثبت الآن من هذا البيان المقصود من الأقانيم الثّلاثة وثبتت أيضاً وحدانيّة الله.



%
تقدم القراءة
- / -