الدين البهائي
"لتكن رؤيتكم عالمية ..." -- حضرة بهاء الله
"لو رزقت قليلًا من زلال المعرفة الإلهيّة لعرفت بأنَّ الحياة الحقيقيّة هي حياة القلب لا حياةُ الجسد ..." -- حضرة بهاء الله
"إن دين الله ومذهب الله يهدف إلى حفظ واتحاد واتفاق العالم والمحبة والألفة بين اهل العالم." -- حضرة بهاء الله

العلاج بالوسائط المادّيّة


سبق أنْ بيَّنّا في مسألة الطّبّ والعلاج الرّوحانيّ أنّه من الممكن أن تعالج الأمراض بالقوّة المعنويّة ونتكلّم الآن في العلاج المادّيّ.


فعلم الطّبّ لا يزال في درجة الطّفولة ولم يصل بعد إلى حدّ البلوغ، وعندما يصل إلى حدّ البلوغ يكون العلاج بأشياء لا يكرهها شمّ الإنسان ولا ذوقه، وذلك بالأغذية والفواكه والنّباتات اللّطيفة المذاق، الطّيّبة الرّائحة، لأنّ مدخل الأمراض أي سبب دخول الأمراض في جسم الإنسان إمّا بموادّ جسمانيّة أو بتأثّر الأعصاب وهيجانها، أمّا المواد الجسمانيّة الّتي هي السّبب الأصليّ في الأمراض فهي أنّ جسم الإنسان مركّب من العناصر المتعدّدة، ولكن بنسب معيّنة معتدلة متوازنة، وما دام هذا الاعتدال باقياً فالجسم مصون من الأمراض، فإن اختلّ هذا التّوازن الأصليّ الّذي هو مدار الاعتدال حصل الاختلال في المزاج واستولت الأمراض، مثلاً ينقص جزء من الأجزاء المكوّنة لجسم الإنسان ويزيد جزء آخر فيختلّ ميزان الاعتدال ويحدث المرض، مثلا إنّ جزءًا يجب أن يكون ألف درهم وآخر يجب أن يكون خمسة دراهم ليحصل الاعتدال، فإذا نقص الجزء الّذي هو ألف إلى 700 درهم، وزاد الجزء الذي هو خمسة دراهم حصل اختلال في التّوازن ثمّ طرأ المرض، وحينما يحصل الاعتدال بالأدوية والعلاج يزول المرض، مثلاً لو زاد الجزء السّكّريّ تختلّ الصّحة، فحينما يمنع الطّبيب المريض من الأغذيّة الحلوة والنّشويّة يتناقص الجزء السّكّريّ فيحصل الاعتدال ويزول المرض، إذاً فاعتدال الأجزاء المركّب منها الجسم الإنسانيّ يحصل بسببين: إمّا بالأدوية أو بالأغذيّة، وحينما يحصل الاعتدال في المزاج يزول المرض، لأنّ جميع العناصر المركّبة في الإنسان موجودة في النّبات أيضاً، فلهذا إذا تناقص جزء من الأجزاء المركّب منها جسم الإنسان وجب تناول الأطعمة الّتي يكثر فيها الجزء النّاقص حتّى يحصل الاعتدال فيحصل الشّفاء، وما دام المقصود هو تعديل الأجزاء فهو ممكن بالدّواء والغذاء، وإنّ الأمراض الّتي تعتري الإنسان أكثرها يعتري الحيوان أيضاً، أمّا الحيوان فلا يعالج بالدّواء وإنّما طبيبه في الصّحارى والجبال قوّة الذّوق وقوّة الشّمّ، فالحيوان المريض يشّم هذه النّباتات الّتي تنمو في الصّحارى فيأكل ما يحلو طعمه في ذوقه وتذكو رائحته في شمّه فيشفى، وسبب شفائه هو هذا، مثلاً إذا تناقص الجزء السّكّريّ من مزاجه يشتهي أكل الحلو فيتناول النّبات الحلو الطّعم، لأنّ الطّبيعة نفسها تسوقه وتدلّه ويسرّ لرائحته وطعمه فيأكله فيتزايد الجزء السّكّريّ فتحصل له الصّحة.


إذاً صار من المعلوم أنّه يمكن العلاج بالأطعمة والأغذيّة والفواكه، ولكن حيث أنّ الطّبّ لا يزال ناقصاً إلى الآن فلهذا لم يهتد الأطباء إلى معرفة ذلك تماماً، وحينما يصل الطّبّ إلى درجة الكمال يكون العلاج بالأطعمة والأغذيّة والفواكه والنّباتات الطّيبة الرّائحة والمياه الّتي تختلف درجاتها في الحرارة والبرودة، هذا بيان مختصر وإن شاء الله نتكلّم عن هذه المسألة بالتّفصيل في وقت مناسب آخر.



%
تقدم القراءة
- / -