الدين البهائي
"لتكن رؤيتكم عالمية ..." -- حضرة بهاء الله
"لو رزقت قليلًا من زلال المعرفة الإلهيّة لعرفت بأنَّ الحياة الحقيقيّة هي حياة القلب لا حياةُ الجسد ..." -- حضرة بهاء الله
"إن دين الله ومذهب الله يهدف إلى حفظ واتحاد واتفاق العالم والمحبة والألفة بين اهل العالم." -- حضرة بهاء الله

حضرة بهاء الله
صاحب الرسالة الإلهية (١٨١٧-١٨٩٢)

عيد الرضوان المبارك

إن مشاعر الحب ومظاهر الإعجاب التي أبداها أهالي بغداد لحضرة بهاء الله قد ظهرت بأجلى معانيها يوم مغادرته "بيته الأعظم"، وتجلى على الصديق والعدو معا جلال عظمته. وانتشرت سريعاً أنباء رحيله إلى الآستانة بين أهالي بغداد والمدن المجاورة، ورغب كثير منهم بالحضور لتقديم وافر الاحترام له للمرة الأخيرة، ولكن سرعان ما تبين أن بيته لم يكن ليتسع لتلك الأعداد الغفيرة. وعندما سمع نجيب باشا، أحد وجهاء بغداد، بالخبر وضع فورا حديقته -النجيبية- تحت تصرف حضرة بهاء الله. وهذه الحديقة الجميلة التي سماها الأتباع فيما بعد بـ"حديقة الرضوان"، تقع على الضفة المقابلة للبيت الأعظم من النهر وفي ضواحي بغداد آنذاك.


تحرك حضرة بهاء الله إلى تلك الحديقة بعد ظهر اليوم الثاني والعشرين من نيسان عام ١٨٦٣م[۱] أي بعد واحد وثلاثين يوما من عيد النوروز، ومكث فيها اثني عشر يوما حيث أعلن دعوته في اليوم الأول منها إلى المحيطين به من أصحابه[۲]. ويحتفل البهائيون بالأيام الاثنى عشر عيداً يسمونه "عيد الرضوان".


نادرا ما شهدت بغداد مثيلاً لليوم الذي غادر فيه حضرة بهاء الله بيته الأعظم، فالناس من مختلف الطبقات، رجالاً ونساء، أغنياء وفقراء، صغاراً وكباراً، ومن رجال العلم والأدباء، أمراء وحكاماً ورجال دولة، تجاراً وعاملين، وقبل كل أولئك أصحابه، احتشدوا جميعهم قرب منزله وغصت بهم الشوارع وسطوح المنازل في طريقه نحو النهر. كانوا يبكون ويندبون فراق من كان يغمرهم بدفء محبته وبهاء روحه طيلة عقد من الزمن، إذ كان ملجأهم وهاديهم.


وعندما وصل حضرة بهاء الله باحة منزله، ألقى أصحابه بأنفسهم على قدميه، منكسري الخاطر ومفطوري الفؤاد. وبكلمات دافئة تهدىء خواطرهم خاطبهم بعد أن توقف هنيهة وسط بكاء أحبائه ونحيبهم ووعدهم بلقاء كل واحد منهم في الحديقة لاحقا. وفي لوح مبارك يذكر أنه بينما كان متجها نحو البوابة، إذا بطفل[۳] عمره بضع سنوات ينبري من بين الحشود ويتشبث بذيل ردائه باكيا بصوت طفولي رقيق متوسلا إياه ألا يرحل. وبين هياج المشاعر في جو مثل هذا اهتزت القلوب كلها وازدادت حزنا وأسى إزاء ما فعله ذلك الصبي الصغير.


إن مشاهد البكاء والنحيب خارج البيت من غير أتباعه لم تكن أقل إثارة للعجب والإعجاب ولا أقل انفطارا للقلب. فكل واحد من المحتشدين في الطريق كان يتلهف إلى الاقتراب من حضرته. وبعضهم ألقى بنفسه عند أقدامه وآخرون توقفوا ليستمعوا إلى بضع كلمات منه وبعضهم قنع بلمس يديه الكريمتين، أو بإلقاء نظرة إلى محياه. وشقت امرأة فارسية من عائلة نبيلة، لم تكن من المؤمنات، شقت طريقها وسط الجموع المحتشدة وألقت بطفلها عند قدمي حضرة بهاء الله بحركة تنم عن التضحية والفداء، وتلاحقت هذه المشاهد تباعاً طول الطريق حتى النهر. وقبل عبوره توجه حضرة بهاء الله إلى أصحابه من حوله وخاطبهم بالكلمات التالية:


"يا أصحابي! هذه بغداد أعهد بها إليكم، وهي على ما ترونها عليه من دمع ينهمر كأمطار الربيع من عيون الأصدقاء والغرباء الذين يزحمون سقوفها وشوارعها وأسواقها. فلا ينبغي أن تخمد نار المحبة المشتعلة في القلوب من أفعالكم وأعمالكم، ولا أن يبدو منكم ما يسبب انطفاءها".[٤]


وعَبَرَ حضرة بهاء الله النهر مع ثلاثة من أبنائه، حضرة عبدالبهاء، ميرزا مهدي -الغصن الأطهر- ومحمد علي والذين كانت أعمارهم ثمانية عشر، أربعة عشر، وعشر سنوات على التوالي، وضم الركب أيضا كاتب الوحي ميرزا آقا جان. وأما باقي الذين رافقوه أو الذين كانوا في الحديقة ونصبوا الخيام وأعدوا الترتيبات اللازمة قبل وصوله، أو الذين لحقوا به في ذلك اليوم، فلم تعرف هوياتهم.


دخل حضرة بهاء الله الحديقة دخول ملك المجد بينما كان صدى نداء "الله اكبر" يتردد في أرجائها من صوت المؤذن لصلاة العصر. ومشى بالعظمة والإجلال بسرور بالغ عبر ممرات الحديقة التي تحف بها الزهور والأشجار، وحمل النسيم عطر الورد الفواح وعانق السماء تغريد البلابل وبذلك تردى الوجود برداء السحر والجمال.


أدرك الأصحاب لبعض الوقت أن الكشف عن مقام حضرة بهاء الله قد اقترب، ليس بإشاراته وتلميحاته خلال الأشهر الأخيرة لإقامته في بغداد فحسب، بل مما لمسوه من تغيير في تصرفاته. وعلامة أخرى أشارت إلى اقتراب الساعة تلك، اتخاذه التاج لباسا للرأس (قبعة طويلة من اللباد) وذلك يوم خروجه من البيت المبارك، واستمر في لبسها باقي أيام حياته ووصف حضرة عبد البهاء كيف أن حضرة بهاء الله قد كشف عن مقامه لأصحابه الحاضرين لدى وصوله الحديقة، وأعلن بفرح عظيم بدء عيد الرضوان المجيد.


وبهذا الإعلان عن النبأ العظيم غاب الحزن عن الأحباء وفاضت قلوبهم سرورا وبهجة. ومع أن حضرة بهاء الله قد حُكِم بنفيه بعيدا، وكان يعلم بالمحن والشدائد التي تخبئها الأيام له ولأصحابه، إلا أنه بهذا الإعلان التاريخي استطاع قلب مشاعر الحزن والأسى إلى الفرح والحبور، وأمضى أسعد أيام ولايته في حديقة الرضوان. وفي أحد ألواحه المباركة أشار إلى أول أيام عيد الرضوان مخاطبا أتباعه: "افرحوا يا أهل الله بذكر أيام فيها ظهر الفرح الأعظم".[٥]


ليست ظروف إعلان دعوة حضرة بهاء الله واضحة، ولم تعرف هويات من استمعوا إلى حضرته إلا أن أمراً واحداً كان واضحاً. ففي السنوات العشر لإقامته في العراق، مع أنه أشار إلى مقامه، في ألواحه التي نزلت، وصف نفسه بأنه الناطق بلسان القدرة، إلا أنه لم ينعت نفسه بأنه "من يظهره الله". وفي إعلان دعوته في حديقة الرضوان فعل ذلك بأسلوب واضح لا لبس فيه على أنه الظهور الذي بشر به حضرة الباب وفدى نفسه في سبيله ولأجله أقام الميثاق مع أتباعه. إنه يوم من أكثر الأيام أحداثاً في حياة حضرة بهاء الله وفيه دارت رحاها بأعمال بديعة كان ذروتها إعلان الدعوة وهو ما يعد الأبرز والأعظم في ولايته.


أحد الفروق التي تميز المظهر الإلهي عن الإنسان العادي هلع الأخير في المصائب والبلايا ومواجهة الصعاب والعقبات وعجزه في تذليلها أو تجاوزها. وفي ظروف مثل هذه يظهر الضعف والعجز حتى من أعتى الرجال لأن عقولهم لا تستوعب إلا مشكلة واحدة في وقت محدد، وغالبا ما ينشدون مساعدة أصحاب الرأي السديد والخبرة الناضجة في اتخاذ القرار.


لكن الأمر ليس كذلك مع المظهر الإلهي، فهو يعمل بذات مستقلة لا يستطيع أحد مساعدته، وليس لروحه ارتباط بحدودات عالم الناسوت، فلا يعجز عقله أو يرتبك في مواجهة سيل المشاكل في آن معا. وفي أتون الرزايا عندما تتهاوى قدرة الرجال تحت وطأتها تراه قادراً أن يعزل نفسه عنها ويتوجه بفكره حيث يشاء. هذه من خصال المظهر الإلهي المميزة، وقد شرحها حضرة بهاء الله في "كتاب الإيقان" مستشهدا بالآية القرآنية: "كل يوم هو في شأن".[٦] فمثلا عندما أعلن حضرة بهاء الله عن مقامه طار الحاضرون في رياض النشوة والفرح وركزوا أفكارهم في ذلك الحدث الهام. إلا أن حضرة بهاء الله نأى بفكره إلى أحداث وقعت قبل عشر سنوات، إلى ضروب البطولة وصنوف التضحيات من عشاق حضرة الباب وأتباعه في بلدة نيريز الصغيرة في إقليم فارس.


مغزى عيد الرضوان

في عدد من ألواحه، يشيد حضرة بهاء الله بذكر قدسية أيام الرضوان وعظمتها، وفيما يلي مقتطفات من لوح من تلك الألواح نزل بعد إعلان الدعوة ببضع سنين:


"... قد أتى ربيع البيان بما تقرب عيد الرحمن. قم بين الملأ الإنشاء بالذكر والثناء على شأن يجدد به قميص الإمكان ولا تكن من الصامتين. قد طلع نير الابتهاج من أفق سماء اسمنا البهّاج بما تزين ملكوت الأسماء باسم ربك فاطر السماء. قم بين الأمم بهذا الاسم الأعظم ولا تكن من الصابرين... هذا يوم فيه يقول اللاهوت طوبى لك يا ناسوت بما جعلت موطئ قدم الله ومقر عرشه العظيم. ويقول الجبروت نفسي لك الفداء بما استقر عليك محبوب الرحمن الذي به وعد ما كان وما يكون. هذا يوم فيه استعطر كل عطر من عطر قميص الذي تضوع عرفه بين العالمين. هذا يوم فيه فاض بحر الحيوان من فم مشية الرحمن هلموا وتعالوا يا ملأ الأعلى بالأرواح والقلوب. قل هذا مطلع الغيب المكنون لو أنتم من العارفين وهذا مظهر الكنز المخزون إن أنتم من القاصدين. وهذا محبوب ما كان وما يكون لو أنتم من المقبلين... قد أتى المحبوب بيده اليمنى رحيق اسمه المختوم. طوبى لمن أقبل وشرب وقال لك الحمد يا منزل الآيات. تالله ما بقي من أمر إلا وقد ظهر بالحق وما من نعمة إلا وقد نزلت بالفضل وما من كوثر إلا وقد ماج في الكئوب وما من قدح إلا وأداره المحبوب أن أقبلوا ولا توقفوا أقل من آن... أن افرحوا يا أهل الله بذكر أيام فيها ظهر الفرح الأعظم بما نطق لسان القدم إذ خرج من البيت متوجها إلى مقام فيه تجلى باسمه الرحمن على من في الإمكان. تالله لو نذكر أسرار ذاك اليوم لينصعق من في الملك والملكوت إلا من شاء الله المقتدر العليم الحكيم. إذ أخذ سكر خمر الآيات مظهر البينات وختم البيان بذكر إنه لا إله إلا أنا المتعالي المقتدر العزيز العلام."[٧]


مكث حضرة بهاء الله اثني عشر يوما في حديقة الرضوان، زاره فيها جمع غفير من الناس ليعبروا عن احترامهم وتقديرهم لشخصه الكريم. وقد ضم ذلك الجمع وجهاء مدينة بغداد وعلّيّة القوم فيها، كما ضم أيضا رجال الفكر والثقافة بالإضافة إلى حشد من عامة الناس المعجبين به. أما بالنسبة للأحباء المؤمنين به فقد دأب على دعوة عدد من أصحابه لزيارته كل يوم ثم يأذن لهم بالانصراف مساءً، وكان من عادته أن يسمح فقط لأولئك الذين لا عوائل لهم بالبقاء ليلاً في ضيافته، حيث كان يقوم بعضهم بالحراسة حول خيمته المباركة.


وقد ترك النبيل [مؤرخ الدين البهائي] للأجيال القادمة، وصفاً حياً لذلك الجو المفعم بالبهجة والسعادة في تلك الفترة التاريخية:


"كان البستانيون يعمدون فجر كل يوم إلى الورود التي تحف بممرات الحديقة الأربعة فيقطفونها ويضعونها على أرض خيمته المباركة. وكانت الكومة من الارتفاع بحيث لم يكن في إمكان الصاحب أن يرى صاحبه عبرها وهم جلوس في حضرته على شكل دائرة لتناول شاي الصباح. وكان حضرة بهاء الله يقدّم هذه الورود بيديه المباركتين إلى كل من ينصرف عن محضره كل صباح حتى يهديها باسمه إلى أصدقائه من العرب والعجم في المدينة... وفي تاسع ليلة للشهر القمري تصادف أن كنت من بين الذين يسهرون حول خيمته المباركة. وعند منتصف الليل تقريبا رأيته يخرج من خيمته، ويمر ببعض الأماكن التي نام فيها أصحابه. وأخذ يذرع طرقات الحديقة المزهرة المقمرة. وكان تغريد البلابل يتعالى من كل الجهات بحيث غطى على صوت حضرة بهاء الله فلم يكن يسمعه بوضوح إلا أقرب الناس إليه. وبات يذرع الطرقات جيئة وذهابا إلى أن وقف وسط طريق منها وقال: (تدبروا أمر هذه البلابل! لقد بلغ من حبها لهذه الورود أنها لا تنام من غروب الشمس حتى مطلع الفجر مغردة بأهازيجها تناجي محبوبها في شوق ولهفة. فكيف يستطيع النوم من يدعون أنهم مشتغلون بحب محبوبهم وجماله الوردي). ومكثت ثلاث ليال أسهر بجوار خيمته المباركة وأطوف حولها. وكنت كلما مررت بالديوان الذي يستلقي عليه وجدته يقظان. وكنت أراه في كل يوم مشغولا من الصباح حتى المساء في محادثة سيل لا ينقطع من الزوار الوافدين من بغداد. فما شعرت في كلمة من كلماته بأي أثر من الحذر والاحتياط".[٨]


يبين حضرة عبدالبهاء في أحد أحاديثه[٩] أن أعداء الأمر أرادوا أن يطفئوا نور الله وسعوا إلى إبعاد حضرة بهاء الله عن بغداد بكل ما أوتوا من قوة. ولم يدركوا أن الإبعاد سوف يجلب النصر لدينه. وعلى أي حال، فإنهم شاهدوا عظمته بأم أعينهم عندما انتقل حضرة بهاء الله إلى حديقة الرضوان وأصابهم الفزع والإحباط الشديدين مما شاهدوه من احترام وتبجيل لحضرته من قبل أهالي بغداد ووجهائها. ثم أضاف إن النفي بحد ذاته حدث يدعو إلى الحزن والكآبة إلا أن حضرة بهاء الله حوّله إلى أبهج حدث في حياته، وأصبحت أيام الرضوان أعظم الأعياد احتفاء بإعلان دعوته لأصحابه وأتباعه.


يمكن أن ينظر لهذه المناسبة على أنها ذروة تجلي ظهوره، الذي مضى عليه عشر سنوات وأنها اكتمال المرحلة الأولى من ولايته. في ذلك اليوم أزاحت يد القدرة عن محيّاه "ألف حجاب من النور"، وأطل على الخليقة لتفوز بلمحة خاطفة من سلطانه وبهائه وليفتتح فصلا جديدا من حياتهم على هذا الكوكب. ويبين حضرة بهاء الله أن في ذلك اليوم "انغمست الأشياء في بحر الطهارة".[١٠]


وفي نفس اللوح المبارك، الذي ورد في المقتطف[۱۱]، يمجّد حضرة بهاء الله عيد الرضوان ويشرح أهميته ومغزاه، فيتفضل:


"قد قبضنا الأرواح بسلطان القدرة والاقتدار وشرعنا في خلق بديع فضلا من عندنا وأنا الفضّال القديم".[١٢]


وفي أحد الأدعية المنزلة في أدرنة يشير حضرة بهاء الله إلى هذا الخلق البديع بهذه الكلمات:


"ما أعلى قدرتك! وما أعلى سلطنتك! وما أعلى اقتدارك! وما أعلى عظمتك! وما أعلى كبرياؤك الذي ظهر منه وأعطيته بجودك وكرمك. فيا إلهي، أشهد بأن به ظهرت آياتك الكبرى وسبقت رحمتك الأشياء. لولاه ما هدرت الورقاء وما غن عندليب السناء في جبروت القضاء. وأشهد بأن من أول كلمة خرجت من فمه، وأول نداء ارتفع منه بمشيتك وإرادتك، انقلبت الأشياء كلها والسماء وما فيها والأرض ومن عليها. وبها انقلبت حقائق الوجود واختلفت وتفرقت وانفصلت وائتلفت واجتمعت، وظهرت الكلمات التكوينية في عالم الملك والملكوت والظهورات الواحدية في عالم الجبروت والآيات الأحدية في عالم اللاهوت".[١٣]


إن القوى الروحية التي أطلقت من عقالها وقت إعلان دعوة حضرة بهاء الله وهبت الجنس البشري طاقة جديدة مكّنت كل مخلوق من التعرف على رسالة الله في هذا اليوم، ليقوم بدوره في تأسيس مدنية عالمية للجنس البشري تحت ظل المدنية الإلهية.


نبوءات حضرة الباب تتحقق

بإعلان حضرة بهاء الله دعوته تحققت نبوءات حضرة الباب بخصوص "من يظهره الله"، وقد ألمح حضرة الباب في كتاباته عن هذا الإعلان في الرضوان وهبوب نسائم الفضل من بغداد، كما تنبأ في البيان الفارسي بأنه سيظهر عند إتمام الواحد الأول (تسعة عشر عاما) من بدء الدورة البابية عام ١٨٤٤م. وفي الفصل الأول من قيّوم الأسماء -وقت إعلان حضرة الباب دعوته للملا حسين- أشار إلى "أهل البهاء" على أنهم "أصحاب السفينة الحمراء"، دون غيرهم، الذين يتحركون في البحر القرمزي. ويقصد بالسفينة الحمراء دين حضرة بهاء الله الذي ارتفعت رايته أول أيام الرضوان وفيه ظهرت للوجود جامعة الاسم الأعظم عندما أقر أتباعه بمقامه الرفيع.


ومن الأيام الاثنى عشر التي قضاها حضرة بهاء الله في الرضوان ثلاثة منها فقط يحرّم فيها العمل هي اليوم الأول والتاسع والثاني عشر. ففي اليوم الأول منها أعلن دعوته وفي اليوم التاسع لحقت به عائلته وهي تعبّر عن ابتهاجها العظيم بذلك الإعلان، وفي اليوم الثاني عشر غادر موكبه المبارك الحديقة.


%
تقدم القراءة
- / -